الخطوط العربية بأنواع كتاباتها المختلفة لعبت دوراً كبيراً في عمليات الإبداع الفني على مدار العصور، وأصبح دورها هاماً في التشكيل العربي المعاصر، وخاصة في صنع اللوحة الفنية، ويعود السبب إلى تميز المفردة الأولى في الحرف

الخطوط العربية بأنواع كتاباتها المختلفة لعبت دوراً كبيراً في عمليات الإبداع الفني على مدار العصور، وأصبح دورها هاماً في التشكيل العربي المعاصر، وخاصة في صنع اللوحة الفنية، ويعود السبب إلى تميز المفردة الأولى في الحرف ومن أشكاله المتنوعة التي تميزت بالمرونة والمطواعية، وبما يحمله ممن قدرات هائلة على الإبداع التشكيلي الذي أساساً من التناغم الخطي والانسجام التكويني وإمكانياته الفنية الهائلة التي تثري القيم الجمالية المعروفة حديثاً ، إلى جانب ما يحمله الحرف من مضامين فكرية وروحية تنضوي عليه تحت معايير ودلالات فكرية كثيرة….كما يقدم للفنان فرص عديدة لابتكاراته التشكيلية الخاصة….
وفي معرضي الحالي تناولت الحروفية في لوحاتي بفكر جديد وتقنية حديثة تجمع ما بين التشكيلات الحروفية والقيم الروحية والقيم الجمالية…ضمن مضار قواعد كتابة الحروف العربية المعروفة أكاديمياً، متخذاً من أساليب الزخرفة والمنمنمة العربية والرقش العربي والفسيفساء أسلوباً معاصراً للتعبير عن رؤيتي لمفاهيم الفن المعاصر ، وعلى الأقل تجريداً ، لأقدم تلك الحركة الدؤوبة والمستمرة في بناء الحرفية واللوحة الخالصة من شوائب الأساليب المستوردة الغريبة علينا.

         


وجعلت من اللوحة مقطوعة موسيقية بخطوطها وألوانها لها قيم جمالية خاصة وأبعاد تشكيلية جديدة…
لقد وجدت في الحروف العربية ما يلبي اهتماماتي الفنية من حيث الشكل ومن حيث المضمون الروحي والفكري والرؤية الخاصة…
إن البعد الجمالي في أعمالي الحالية لا ينحصر بالمنطق في اهتمامي بالحروف العربية من الناحية التعبيرية فقط، ولكن انصب جل اهتمامي إلى الناحية التشكيلية كي أظهر قوة وعظمة الحرف العربي، عن طريق الإحساس بحركة الحروف أثناء تكوين الكلمات واندفاع الخطوط اللينة المندفعة بحيوية نحو الصوفية…أو المنطق…

         


بينما جاء اللون مؤكداً على البعد النفسي لتكوين الحروف من جديد بخطوطها المتعرجة التي تزيد من فعالية الحركة المتنامية نحو المطلق للقيم الجمالية…
لقد وجدت في كلمات القرآن الكريم التي تحمل مضامين روحانية تستمد قوتها الفكرية والجمالية من قدسية هذه الكلمات العظيمة ، وبذلك تلبي رؤيتي الفنية والفكرية الخاصة ضمن توليفة جديدة من الألوان المتنوعة التي توصلت إليها مكن اندماج فنون الزخرفة العربية والمنمنمة العربية والرقش العربي في تقنية فنية خاصة…وحاولت الاستفادة القصوى من القيم الفنية والجمالية لهذه الفنون العربية التي ازدهرت كثيراً في العصور السابقة، وجعلت من الكلمات القرآنية جوهر اللوحة ومركزها ضمن حركة ديناميكية دائمة ومستمرة لا تستقر فيها العين عند نقطة محددة…
ان استخدام الألوان والاعتماد عليها في الوصول إلى القيم الجمالية في اللوحة ضمن مساحات لونية متغيرة وموزعة بشكل هارموني معتمداً على التدريجات اللونية العفوية في انسيابية فطرية تتداخل فيما بينها لتصنع القيم الجمالية الجديدة للحرف العربي…
في النهاية… دائماً يسعى الفنان في أعماله وتجاربه الفنية المتعددة إلى تقديم الجديد الذي يلبي متطلبات المتذوق والمشاهد، في علاقاته بين الشكل والمضمون معبراً عن أهمية هذه العلاقات في بناء اللوحة الفنية، ومكتشفاً إشكال جديدة ومفاهيم معاصرة للفن والجمال…ويبقى التوفيق من الله تعالى…

 محمود مكي

 

تحرير: أغيد شيخو