مسيحي ينام في المسجد بقلم المهندس باسل قس نصر الله
- يوليو 5, 2011
- 0
هذا المجمع والذي كان سابقاً اسمه مجمع أبو النور، طالبت أميركا بإغلاقه لأنه برأيها يصدر التطرف. أجل إنه يصدر التطرف، وأنا خير مثال، فلقد أصبحت متطرفاً. متطرفٌ لمحبتهم، ومأسورٌ لطيبهم، وشاكرٌ المجمع ومديره آنذاك الشيخ صلاح لهذا التطرف في المعاملة الحسنة وهذا التطرف في خدمتي، وهذا التطرف في رعايتي، لأنني على ذمة الرسول (ص).
مسيحي ينام في المسجد
بقلم المهندس باسل قس نصر الله
مشاركة مع موقع عالم بلا حدود
عندما تم عقد قران الأمير الانكليزي وليم ابن ولي العهد الأمير شارل، قام بعقد القران روان ويليامز رئيس أساقفة كنتربري، وهو رئيس الكنيسة الانغليكانية في العالم، حيث يبلغ عدد أتباعها 77 مليون شخص، وتذكرت حينها، زيارته إلى بلدي منذ سنوات قليلة، ففي العام 2007، زار سورية يرافقه وفد من الكنيسة الانغليكانية، وقد سبق مجيئه لقاءات متعددة قام بها سكرتيره للتنسيق وتجهيز برنامج الزيارة، وكنت على اتصال بمكتب رئيس الأساقفة ونسقت ما يتعلق بزياراته للفعاليات الدينية في دمشق.
كان برنامجه سيمتد إلى ثلاثة أيام، مما سيجعلني أنام ليلتين في دمشق، وكنت أنوي الإقامة في احد فنادقها، إلا أن اتصالا مع صديقي الشيخ الدكتور صلاح كفتارو، ابن مفتي سورية السابق رحمه الله ومدير المجمع الذي يحمل اسمه "مجمع احمد كفتارو"، هذا الاتصال الذي يهدف إلى التنسيق الأخير حول زيارة رئيس الأساقفة الانغليكاني إلى المجمع، وبادرني صديقي ما إذا كنت سأنام في دمشق، فلما أجبته بالإيجاب سألني : "ولم لا تنام في المجمع، فهناك شقة للضيافة" فقبلت ضيافته شاكراً.
كان برنامج زيارة رئيس الأساقفة متنوع، فمن السيد رئيس الجمهورية إلى المفتي العام للجمهورية وبطريركي الروم الأرثوذكس والسريان الأرثوذكس وشيخ عقل الدروز، والكثير من اللقاءات الدينية وإحداها زيارته إلى مجمع أحمد كفتارو حيث أقام له الشيخ صلاح إفطارا رمضانياً حيث أننا كنا في الشهر الكريم.
بعد أن وصل الوفد إلى مطار دمشق والتوجه وفق البرنامج المعد، انتهى اليوم الأول من زيارته، وتوجهت متعبا إلى مجمع أحمد كفتارو، حيث جهز لي الأخ صلاح، آنذاك من سيقوم باستقبال مستشار مفتي سورية، وكانت الساعة الحادية عشر ليلاً، حيث أطل المناوب في الاستقبال يسألني عما أريد، فقلت إنني مستشار مفتي الجمهورية، ورأيت نظرة الدهشة على وجهه، وتوقعت ذلك، فأنا مستشار بدون قفطان وعمامة، ولا تدل هيئتي أنني رجل علم إسلامي،إلا أنه قام سريعا ورحب بي وقادني إلى الطابق الثامن من المجمع حيث شقة الضيافة، وخلال سيرنا كان يردد عبارات الترحيب والمجاملة بسعادة المستشار، وجال معي في أركان الشقة وأعلمني إن أردت شيئاً فما علي إلا الاتصال به على الهاتف.
وضعت حقيبتي الصغيرة، وبعد الاغتسال توجهت إلى المطبخ وكم كان لطفاً لن أنساه عندما وجدتُ في البراد صحنا كبيراً من الفواكه وما يلزمني للعشاء والفطور، أو السحور.
كانت دمشق تتلألأ أمامي من منطقة المهاجرين المرتفعة وأنا أيضا في شرفة واسعة في أعلى المجمع، جلست قليلاً أفكر، كم هي جميلة بلادنا، وكم هو رائع هذا الشعب.
مسيحي ينام في مجمع احمد كفتارو، الذي يضم احد أهم مساجدها "أبو النور"، ويتم الاعتناء به حتى في أدق التفاصيل، وعاهدت نفسي أن انقل ذلك إلى رئيس الأساقفة الأنغليكاني ليفهم فقط، كيف نحيا في سورية.
تمددت على الفراش ونمت، ولم أنتبه إلا على رنين الهاتف عند الفجر، فاستغربت عن من يكون المتصل، فإذا بالمناوب في الاستقبال يقول لي، "مولانا، إن الفجر سيحين، وإذا تكرمتم فكنتم إماماً لنا في الصلاة".
لم يعرف أخي في الوطن والمواطنة، أنني مسيحي.
أجبته، أني كوني تعبا، فأنا سأصلي الفجر في غرفتي، وشكرته.
وفي الغد التقى بي مجموعة أخرى من المناوبين في الاستقبال، لا لشيء إلا لأنهم لم يعرفوا أنني مسيحي واضطروا لإيقاظي وهم يعتذرون.
كم هو رائع هذا البلد، أن يهتم شيخ بنومي، ويتابع أدق التفاصيل خلال إقامتي، ولم أر اختلافا في التعامل بعد أن عرفني المناوب إنني مسيحي، لا بل زاد اهتمام الجميع بي، فانا على ذمة الرسول (ص).
هذا المجمع والذي كان سابقاً اسمه مجمع أبو النور، طالبت أميركا بإغلاقه لأنه برأيها يصدر التطرف.
أجل إنه يصدر التطرف، وأنا خير مثال، فلقد أصبحت متطرفاً.
متطرفٌ لمحبتهم، ومأسورٌ لطيبهم، وشاكرٌ المجمع ومديره آنذاك الشيخ صلاح لهذا التطرف في المعاملة الحسنة وهذا التطرف في خدمتي، وهذا التطرف في رعايتي، لأنني على ذمة الرسول (ص).
اللهم اشهد إني بلغت