مفتي سورية والمطران كبوجي بقلم المهندس باسل قس نصر الله مستشار مفتي سورية: واخجلتاه منك أنت الذي تهتم بسورية وأنت خارجها والكثير منّا يغادرونها وكأنها فندق ضعفت الخدمة فيه.

ومشاركة مع عالم بلا حدود

مفتي سورية والمطران كبوجي بقلم المهندس باسل قس نصر الله مستشار مفتي سورية

قررت إحدى المنظمات الإيطالية المهمة منح جائزة للسلام لسماحة الشيخ الدكتور أحمد حسون، مفتي عام سورية، وكان الاتصال معه لإعلامه بذلك، ولمّا كانت ارتباطات المفتي لا تتناسب مع وقت تسليم الجائزة في روما، كان لا بد أن نقترح شخصية تستلم الجائزة عن المفتي.

وبناء على بُعد نظره، اقترح سماحته بأن يتسلمها بدلا عنه سيادة المطران المناضل هيلاريون كبوجي.

اتصلتُ بسيادة المطران كبوجي المقيم في روما، وبعد أن سلّمت عليه وأجبت على أسئلته التي أراد بها أن يطمأن على بلده سورية ومدينته حلب وعلى سماحة المفتي حسون وعلى أفراد عائلتي، قلت له : "إن سماحة المفتي يريد أن يتكلم معك، فمتى هو أفضل وقت ترغب بذلك؟"، فقال لي : "أنا الآن يا باسل سأخرج من المنزل وأعود بعد ساعتين" فأجبته "ليكن بعد ثلاثة ساعات".

كان صوته بعيداً ولكنه صوت قوي يحمل سنوات نضاله وسجنه لدى العدو الاسرائيلي، كما يحمل سنوات نفيه وعيشه بعيداً عن وطنه ومدينته حلب ورغم كل الأعباء التي يحملها عن القضية الفلسطينية، حتى قلت له ذات مرّة : سيدّنا أعتقد أن القدس موجودة بداخلك بدلا من قلبك" .

بعد ثلاثة ساعات تقريباً اتصل سماحة المفتي معي كما اتصل على الخط الثاني بالمطران في روما واستمعت إلى الحديث الذي أنقل مقتطفات منه:
قال له المفتي: " السلام عليكم سيادة المطران، كيف حالك؟"
ثم بعد السلام والتحيات بينهما انتقل سماحته إلى الموضوع فقال له: "سيادة المطران، هناك منظمة في روما، ستمنحني جائزة للسلام، ونظراً لأن ارتباطاتي لا تسمح لي بالسفر، سألتهم إن كان بالإمكان أن يتسلم الجائزة شخصٌ بدلاً مني؟ فاجابوني بنعم، فقلت لهم أن لي عمّاً كريماً يسكن روما، فسألوني عن الإسم وكيف يمكنهم التنسيق معه، فأجبتهم إنه المطران كبوجي…" وضحك الإثنان ضحكة مجلجلة.

ثم أردف المفتي قائلاً: "قالوا لي ماذا؟؟؟؟…فأجبتهم نعم أنا مفتي سورية وعمي المطران المناضل السوري هيلاريون كبوجي، وأعتقد يا سيادة المطران أنهم اندهشوا من ذلك، وأنا أتصل بك لأستأذنك في إعطائهم رقمك الهاتفي"

في اليوم المحدد تقدم المطران كبوجي لاستلام الجائزة الممنوحة للمفتي وسط دهشة الجميع، تقدم المطران باسم الشيخ إبن بلده سورية ومدينته حلب، وعلى الطرف الآخر كان سماحة المفتي يوجه كلمة من دمشق إلى الحفل في روما عن طريق برنامج السكايبي على الانترنيت.

وماذا بعد؟؟؟
مطران سوري من حلب الجريحة ومفتي سورية (وهو من حلب) يعطيان صورة لكل أولئك الذين يسألون عن وضع المسيحيين في سورية.
بسنواته التسعين استلم المطران جائزة الشيخ.

بسنواته التسعين، أبّى المطران إلّا أن يقدم الخدمات لبلده ولعيشها المشترك.

عندما أتصل به يسألني عن أدق التفاصيل في مدينته حلب، وهو بعمره هذا "أنعمه الله بالصحة وطول البقاء".

واخجلتاه منك سيادة المطران.

واخجلتاه منك أنت الذي تهتم بسورية وأنت خارجها والكثير منّا يغادرونها وكأنها فندق ضعفت الخدمة فيه.

شيخ ومطران يعطوننا الدروس في الوطنية.

أما نحن والكثير من مسؤولينا الروحيين والمدنيين الى آخر السلسلة..فليس لديهم سوى الوطنجية…

اللهم اشهد اني بلغت.