مفهوم الجمال الجديد
- يوليو 2, 2011
- 0
وكتب الفنان محمود مكي عن مفهوم الجمال الجديد: لقد أصبح الفنان في هذا العصر أكثر انطلاقاً بحريته لتحقيق مفهومه الخاص بالجمال الأمر الذي ترتب عليه تحرير فنه من التبعية والتقليدية الهشّة
مفهوم الجمال الجديد
بقلم الفنان محمود مكي
الحديث عن الجمال في الفن, لاشك أنه يعتبر حديثاً ذا اتجاهات متنوعة لأن الجمال أصبح في الوقت الراهن يتصف أساساً بالنسبية في تقديره بين الناس, ولأن طبيعة البشر تختلف فيما بينها باختلاف العناصر الأساسية المكونة للحياة … لهذا فالباحث في فلسفة الجمال؛ وخاصة؛ في هذا القرن؛ يصعب عليه أن يكتفي. بمنظور واحد أو, لأن لكل فنان أو مفكّر رؤيته الخاصة المستمدة من الإمكانيات الهائلة للمعرفة الحديثة في مخزونه الثقافي, والنسبية المتباينة في التكوين الحياتي لكل واحد منا,لذلك وجب على الفنان الذي يريد أن يحقق ذاته الفنية أن يعرف ويدرك بكل قوته الفكرية؛ النظريات الجمالية المنثورة في الساحة الثقافية كي يستطيع عن معرفة وإدراك تأمين الحلول التشكيلية التي قد يتعرض لها في حياته الفنية.
وتبقى العلاقة الكائنة بين مفهوم الفن ومفهوم الجمال علاقة ديالكتيكية؛ أو جدلية, وهي علاقة تتصف بالحتمية ولا بد منها وتقوم على مفهوم النسبية عند الإنسان …
لقد أصبح الفنان في هذا العصر أكثر انطلاقاً بحريته لتحقيق مفهومه الخاص بالجمال الأمر الذي ترتب عليه تحرير فنه من التبعية والتقليدية الهشّة, كالكلاسيكية اليونانية والرومانية الذي ظل مقيّداً بهما لقرون طويلة, ومن جهة ثانية, زادك الشك لدى الفنان في قيم الحضارة الغربية فراح؛ هذا الفنان؛ يبحث عن منطلقات جمالية جديدة في فنون بعيدة جغرافياً عن أرضه,كفنون الشرق الأقصى وأفريقيا والشرق الأوسط, وأصبح مفهوم الجمال لديه لا يعني مطلقاً جمالية الشكل وتفاصيله الدقيقة المتناسقة بالمفهوم القديم؛ بل أصبح الجمال يعني كل شيء موجود على أو في هذه الحياة الرائعة …
وصار الفنان ينظر إلى الأشياء المهمة والوضيعة والمبتذلة بآن واحد نظرة جمالية خاصة أعطت للفن شمولية واسعة ومفاهيم جمالية جديدة متناسقة مع الواقع والحياة الكائنة التي تحوي في مضمونها جملة من المتناقضات … وعلى هذا؛ صار الشكل البشع؛ كما قد يظن البعض؛ جميلاً وخاصة عندما يوضع في مكانه المناسب له, وانتقل الوعي الجمالي عند الفنان من حالة المدينة الفاضلة إلى الواقع الحقيقي الذي يعيشه الإنسان بكل شقائه وحلاوته …
ومن هذا المنظور الواسع, أصبحت القيمة الجمالية مشروطة بشرطين أساسيين, أولهما: المادة المصنوعة منها وخصائصها ومضمونها وشكلها.
وثانيها: العلاقة الجدلية الكائنة بين هذه الأشياء كلها والإنسان ومخزونه الثقافي المتنوع …
هنا يتبادر إلى الذهن السؤال التالي: هل الإحساس بالجمال يتعلق بمفهوم الإنسان …؟؟!
وهذا يقودنا إلى السؤال الأكثر أهمية في البحث؛ وهو على الشكل التالي: هل الجمال يصير جمالا إذا أحسّ الإنسان به؛ أم هو جمالا إذا أحسّ الإنسان به؛ أم هو جمالا أصيلا في مضمونه وإن لم يحسّ الإنسان به …؟!!
أرى أن الإجابة الصحيحة والحقيقة عن هذا السؤال صعب للغاية ويعود السبب في ذلك إلى قصور الإدراك الإنساني للمعرفة المطلقة التي لم يتوصل إليها الإنسان في الوقت الحاضر, ولكني يمكنني أن أقول في هذه اللحظة: أن الجمال عبارة عن مفهوم إنساني ابتدعه للتعبير عن حالة من حالات الإحساس المريحة …
وهنا أدرك تماما مدى اختلاف هذا الرأي مع الآراء الأخرى؛ وهذا الأمر وارد في المناقشات الديمقراطية وخاصة على المستوى الثقافي أو الفلسفي …
ولكن في اعتقادي الراسخ؛ أن الجمال بمفاهيمه المختلفة طوال العصور؛ يبقى جمالا في ذاته ومضمونه سواء إن أدركه الإنسان؛ أم لم يدركه؛ وذلك بحكم وجود التناقضات في الحياة الواسعة, أي طالما يوجد الحب مثلاً؛ وكذلك طالما يوجد اللاجمال فغنه يوجد الجمال حتماً …