مقابلة مع الفنان التشكيلي مازن غانم
- نوفمبر 25, 2010
- 0
يبحث في الضوء واللون عن عوالم خيالية يستلهمها من أرض الواقع، وبحركة من ريشته المتميزة ينقل
يبحث في الضوء واللون عن عوالم خيالية يستلهمها من أرض الواقع، وبحركة من ريشته المتميزة ينقل المشاهدين إلى عالم آخر إنه الفنان التشكيلي مازن غانم والذي يعتبر من أهم الفنانين المتميزين ويستضيفه عالم نوح في هذا الحوار:
ـ في البداية لماذا استهوتك الألوان المائية من بين الفنون التشكيلية وقد عرفت بتميزك في هذا الفن، هلاّ حدثتنا عن هذه التجربة؟
لا يمكننا تفسير اللون المائي لأنه من الفنون الروحية التي لا تتكلم ولا تُفسر، فالمائي هو فن السهل الممتنع وقد أحببته لصعوبته وسلاسته في الوقت نفسه، وبالإضافة إلى الصعوبة الموجودة فيه يوجد أيضاً في ألوانه نوع من التحدي وأنا شخصياً أحب وأقبل التحدي على كافة الأصعدة الحياتية والفنية، فالمائي جميل وصوفي وشفاف وله علاقة بالروحانيات بالإضافة إلى أن الفنان إن استطاع أن يتملك هذه المادة فإنه يستطيع حينها أن يتملّك الأدوات الكافية للعمل في كافة التجارب الفنية الموجودة في الساحة التشكيلية العالمية وليس المحلية فقط ولهذا السبب اخترت اللون المائي بالإضافة أعتقد أن روحي مائية أكثر ما تكون زيتية أو لها علاقة بالخشب أو الباستيل أو أي مادة أخرى.
ـ لاحظنا في أعمالك التشكيلية قوة رائعة في رسم الطبيعة، فهل كانت للطبيعة التي عشت فيها ميزة أكثر من باقي الفنانين الذين يعيشون في المدن؟
برأي أن الفنان إذا أحب المكان وكانت له ذاكرة فهو يعشقه أكثر ويدفعه هذا العشق إلى التفنن فيه أكثر فأنا لا أستطيع أن أنكر أن الطبيعة التي عشت فيها لعبت دوراً مهماً في التأثير بالإضافة إلى وجود المساحات الخضراء والمياه والجبال التي ساعدتني أن أعمل بهذه الحرية فأي تجربة فنية إذا أردت أن تكون صادقة فيجب أن تعيشها والذي لا يعيش التجربة لن يستطيع تقديم تجربته بصدق فأنا عشت في الطبيعة لمدة سنة ونصف لأنتج صورة فنية لتكون صادقة أكثر من أن تكون واضحة.
ـ نرى في بعض لوحاتك الألوان الترابية واضحة جداً باختلاف درجاته، فمن أين تستوحي الأعمال الترابية في أعمالك ولماذا هي حصراً ضمن درجاتها المتعددة ولا تخرج عن هذا النطاق؟
إن الغاية من الترابي هو التكنيك لا أكثر، بالإضافة أني عملت على موضوع له حساسيته فكانت فكرة الجسد فيه مهمة جداً وقد عدت إلى التاريخ ولكني لم أصف التاريخ بالألوان التي كانت موجودة وقتها وإنما أردت من اللون الترابي أن يعبّر عن التاريخ والقدم فهذا اللون يعطي دلالة أكثر في القدم من الألوان الأخرى.
ـ الجسد هو هاجس كثير من الفنانين ولكن الجسد لديك له حالة خاصة ويأخذ نوعاً من القدسية، هلاّ حدثتنا عن الجسد في أعمالك؟
الجسد موضوعي وهو هاجسي أكثر من أي فنان آخر وأقول ذلك بثقة، فأنا أعشق التحدي والجسد هو إحدى المحرمات الثلاث"الدين والجنس والسياسة" وأنا أخذت جانب الجنس أو جانب الجسد الذي يمكن أن يكون هاجس أو كبت أو حب أو أي شيء موجود لدى أي إنسان، ولكن كان إظهاره بهذه الطريقة التي أظهرته فيها، كان هنالك نوع من الغرابة والجرأة وأقول هذا من خلالي ومن خلال كلام الآخرين ولكن عندما عملت في هذا الموضوع فمن المؤكد أني أحببته ولم يكن لمجرد إظهار الجسد، فقد عملت على الجسد لمدة عشرين سنة وإلى الآن لدي حب له وعشق للعمل عليه، فحتى الطبيعة لدي لم تخلى من الجسد وحتى الجسد نفسه لم يكن بحالته الطبيعية فالجسد كان هاجساً لدي وأكثر من ذلك فقد كانت لغة وأسطورة وإذا استطعت أن تعيش الحالة فلا بدّ أن تقدمها بصدق.
ـ اليوم لديك مشاريع مختلفة ضمن الحركة التشكيلية الفنية فما هو جديك؟
بالنسبة لعملي أعتقد أنه يحتوي شيئاً من الغرابة، ففكرة الجسد لدى الرجل غير مقبولة من قبل المجتمع مثل المرأة، فالمرأة هاجس كل رجل وأنا عندما أريد أن أعمل على فكرة الرجل فليس من السهل أن تكشف الرجل لأن الرجل في مجتمعنا يجب أن لا يكشف بكل ما فيه من عورات وأخطاء وبشكله وبمواقفه حتى لأنه في النهاية رجل، ولكن عندما تكشف العورة الكاملة "طبعاً خارج نطاق الجسد" عندها تدخل إلى الصميم فكما يقولون أن المرأة تعرف المرأة أكثر من الرجل فأعتقد أن الرجل يعرف الرجل أيضاً أكثر من المرأة.
ـ هل برأيك أن الفنان السوري استطاع أن يخرج بحالة فنية مختلفة أو أن يخرج بحالة فنية سورية نتيجة التزاوج الفني بين الشرق والغرب في أوربا؟
برأي هذا الموضوع نسبي إلى حد ما وأقول أيضاً أنّ معظم الفنانين في سوريا مع الأسف أتوا بفنهم من الغرب ولكن رغم التأثيرات التي تلحق بالفنانين السورين بالتأكيد تبقى لديهم خصوصيتهم الفنية ولكن ربما لم يستطع تطويرها كما طورها الغرب ولا أرى أن هنالك حركة تشكيلية سورية الآن طبعاً مع احترامي للفنانين الموجودين على الساحة الفنية وهذا أيضاً لا ينكر وجود بعض الفنانين في سوريا كانوا في الغرب وعادوا إلى سوريا وقدّموا نتاجاً رائعاً ربما تفوقوا من خلاله على الفنانين الغربيين ولكن يبقى التأثير الغربي واضحاً في الأعمال التي نراها الآن والدليل عندما تذهب إلى إحدى الصالات فإنك ترى التأثير الغربي الواضح فبرأييهم الموجود في الغرب من الضروري أن يكون موجوداً لدينا وكأن الموضوع موضوع "موضة" لا أكثر، أما كلوحة فنية سورية فأعتقد أنه لا توجد لوحات سورية طبعاً سوى الموجودة في تدمر مثلاً والتي عمرها آلاف السنين أو اللوحات الأوغاريتية فهذه اللوحات هي لوحات سورية استطاعت أن تقدّم نفسها للغرب الذي أخذ منها ومع الأسف نحن الآن نأخذ من الغرب شيئاً كان منذ البداية لدينا.
مازن غانم هذا الفنان التشكيلي الشفاف كالماء، إلى أين مشروعه الفني اليوم وماذا ننتظر منه؟
مشروعي أعتقد أنه من الصعب قليلاً طرحه في المجتمع العربي فهو تعرية للرجل ومكاشفة صريحة جداً يمكن أن تسبب صدمة للبعض حول طرحي لهذا الموضوع، ففي النهاية أنا أقدم رسالة إلى الآخرين وإن شاء الله سنرى المعرض قريباً في بداية السنة الجديد.
شادي نصير