هذا الاسم الذي ارتبط بالخشب و الذي يخلق من خلال تفاصيله حياة نابضة بالأخيلة والرسوم المبدعة، الفنان سليم عكة استضافنا في منزله وكان معه هذا الحوار:

يسر موقع عالم نوح أن يستضيف الفنان السوري سليم عكة ،هذا الاسم الذي ارتبط بالخشب و الذي يخلق من خلال تفاصيله حياة نابضة بالأخيلة والرسوم المبدعة، الفنان سليم استضافنا في منزله وكان معه هذا الحوار:

النحت على الخشب هو حالة خاصة جداً لدى النحات يختلف عن بقية أنواع النحت ، لماذا اخترت الخشب لتبدأ به مسيرتك الفنية؟

لأن الخشب عبارة عن كائن حي فالتعامل معه مثل التعامل مع أي كائن حي آخر فتشعر بنوع من التواصل.

هل توفر الخشب هو من الأسباب المؤدية لاستخدامك له؟

ليس بالضرورة لأن الحجر متوفر أكثر ولكن الحالة الجمالية والتقاطعات الربانية الموجودة فيه جميلة جداً إلى درجة الإبداع.

كيف بدأت فكرة أن تكون نحاتاً بدلاً من أن تكون رساماً؟

أعتقد أني لم اختار النحت كاختيار وغنما كانت موجودة في طبيعتي وشخصيتي وهذه الطبيعة أن تشاهد أشياء قد لا يشاهدها الإنسان العادي كون هذه الموهبة داخلية وليست من اختياري القطعي وهذا مهم جداً فالعمل بحد ذاته عبارة عن مجموعة من المقاطع أستخدمها و أركبها ثم أصيغها بطريقة معينة وأحاول ملامسة الإنسان من الداخل وأعبر عن الفكرة التي أريدها، وأيضاً لا أستطيع أن أقول أن سبب اختياري للنحت صدفة بل سببه تواترية معينة ومتابعة ثقافية فالرسم لا أشعر أني من خلاله أستطيع الوصول إلى ما أريده مثلاً،فالقطعة الخشبية الثلاثية الأبعاد تعطيني بداية لفكرة تستهويني ولكن تبقى هذه الفكرة باردة إلى أن أستطيع صياغتها بطريقة جمالية معينة تكون سهلة القبول من قبل المتلقي.

أنت بدأت منذ الصغر بعمل المنحوتات الصغيرة حدثنا عن تجربتك في مرحلة الطفولة وهل لها أثر في توجهك نحو نحت أعمالك الريليف؟

تجربة ليس لها تأثير لأن الحالة الاجتماعية لها دور كبير فنحن انتقلنا من مرحلة البدايات(البساطة) مثلاً: الخنجر – البارود وهذا جميعه كان بحكم الحالة الاجتماعية أي لا تستطيع أن تتطور أكثر من ذلك… من بعد ذلك دخلت مجال الصناعة وابتعدت قليلاً عن الفن.

في أعمالك النحتية تختار مواضيع محددة تخص المجتمع والبيئة، اليوم نشاهد أعمالك تتجه نحو التجريد أكثر من السابق حدثنا كيف تختار العمل النحتي ولماذا تتجه نحو التجريد والتبسيط في العمل؟

التجريد ليس فكرة غربية فالتجريد موجود بتاريخنا العربي كله وأنا ابن هذه الأرض فإذا شاهدت الأماكن القديمة في سوريا فإنك تشعر أن التجريد موجود بداخله فنحن بسيطون ولسنا معقدين مرت فترة علينا كما مرت على جميع الشعوب..
ويتابع:التجريد هو أساس لدينا وخصوصاً في الشرق الأوسط فأنا آخذ من بلدي ولم آخذ شيء من الغرب و الدراسة الأكاديمية لم تحدد مساري لأني لست أكاديمياً أنا حددت مساري بنفسي ، نحن لا نستطيع أن نتعامل مع الغرب لأن مستوى الفكر الغربي أكبر من مستوى تفكيرنا وخصوصاً بالنسبة للأعمال الفنية فهم قد قطعوا مراحل كبيرة جداً أنا أريد أن أوازن ما بيننا وبينهم و أعمل على هذا الأساس.

تصنف الأعمال الفنية في أوروبا ضمن مدارس عدة كيف تشاهد هذا التصنيف بالنسبة للشرق هل نحن نتبع هذا التصنيف أم نحن خارج هذا التصنيف؟

نحن أكاديمياً نتبعه لأن أغلب دراساتنا أكاديمية لا يوجد لدينا دراسات شرقية مثلاً منحوتات تدمر لا نستطيع أن نعمل دراسة دكتوراه عن آثارنا في تدمر ولكن في نفس الوقت نأتي بدراسة جاهزة وندرسها لطلابنا لذلك يجب البحث أكثر ووضع دراسات جادة بخصوص هذا الموضوع، و لا أستطيع أن أقول أننا خارج هذا التقسيم الذي قسمه الغرب لأنه لا نستطيع أن نلغي عملية التواصل فالعملية موجودة ومجبورون أن نتعامل معه لأننا نعيش في عصر العولمة والعالم أصبح قرية صغيرة ويجب أن تثبت أنك موجود, وهم لا يطلبون منك أن تكون غربي بل يطلبون منك أن تحافظ على تراثك وأن تقدمه بطريقة لائقة فهو يريدك كما أنت وماذا تريد أن توصل إليه .

أغلب أعمالك التي تقوم بنحتها مؤخراً هي من ثلاث قطع متصلة مع بعضها لتشكل سلسلة ، هل هي سلسلة الولادة والنمو والموت ما المفهوم الذي تنطلق منه هذه السلسلة؟

الولادة والنمو والموت جميعها استمرارية لحياتنا الكون ولأنه لأي شيء بداية فبالتأكيد يجب أن تكون له نهاية وقد انطلقت من هذه المفاهيم الثلاث في تركيبة القطع التي أصنعها.

اليوم ماذا تقوم من أعمال نحتية جديدة وما الفكر الذي تنطلق منه لتأسس لمنحوتاتك الجديدة؟

يوجد فكرة جديدة بالنسبة لي هي نوع من بقايا الذاكرة وتشمل معظم مناحي حياتي ابتداءً من مرحلة الطفولة إلى حد الآن.

أنت اليوم تقوم بعدة أعمال وأب لثلاث شبان هل خاض أحد منهم مجال النحت أو التصوير؟

إن مجرد الولادة في منزل فني يكون للشخص نظرة فنية تلقائية فصبح لديهم نظرة تقيميّة بغض النظر إن سلك المجال نفسه أم لا فمثلاً عند حضورهم لمعرض ما فإنهم يستطيعون تقيم المعرض مثلي تماماً لأنهم تعودوا على هذا النمط وفي كل يوم يشاهدون وجوه جديدة.. يجب أن يكون هناك ديناميكية في الأعمال ولهذا السبب أصبح تعامل أبنائي مع الأعمال الفنية تعاملاً تلقائياً.

ما الفرق بين الحجر والخشب؟

هناك فرق هائل فالمنحوتة الحجرية تصمد أكثر ولكن عندما تعمل بها تشعر بعدم وجود روح لها..الحالة التي يعيشها الإنسان هي عند ملامسته لشيء بارد أو شيء حي مثلاً: الخشب مهما كانت درجة البرودة حاول أن تضعه في مكان بارد وبعد خمس دقائق حاول ملامسته تشعر أنك تتواصل معه تلقائياً بينما الحجر عند ملامستك له يبقى بارداً.

هل تسعى في يوم من الأيام أن تكون النصب الخشبية الموجودة في منزلك موجودة في الساحات العامة في سوريا؟

أتمنى أن يكون هذا في العالم أجمعه وليس فقط في سوريا و أنا أسعى لهذا فالنصب هي فكرة أوسع من الفكرة الصغيرة لهذا السبب يوجد عمليات تجزئة للنصب , وأنا أحاول أن أعمل في هذا المجال برؤيتي وبصياغتي الفنية الخاصة.

أنت تقوم بأعمال نحتية جدارية حدثنا قليلاً عن هذه التجربة؟

هي تجربة جديدة وليست كبيرة و قد حاولت أن أستثمره بحالة معينة لا أكثر وهي مجموعة مؤلفة من عشر قطع بمعنى أ- ب- ج وهي تتعلق بحالة معينة موجودة نعيشها نحن, وفي القطع المربعة أعمل براحة أكثر والمسطحة يوجد فيها قسم ميت بشكل دائم.

لاحظنا ان معظم الاعمال مسيطر عليها حالة الخشب الخالصة باستثناء عمل واحد نشعر بالحياة فيه من خلال سيطرة اللون الأخضر، حدثنا عنه ؟

هذا العمل يتكلم عني وعن أبنائي الثلاثة أما بقية الأعمال فمسيطر عليها الخشب لأن عملية التلوين تفقده قيمته لأن الخشب حالة جمالية خاصة موجودة إذا استطعت أن تستثمرها, كما أنه يوجد عمل فيه توشيح تشعر أنه عاج حيث يستفاد من الخشب وعروقه مثلاً: خشب الزيتون لا تحصل منه على تماثيل بل تحصل منه على عواميد…وأنا أحاول دائماً أن أبحث عن المادة التي تبرز الفكرة التي أريدها.

ما هي المعارض التي تحضّر لها؟

يوجد معرض في المركز الثقافي بأبي رمانة في الشهر الخامس 2011 بالإضافة إلى عدد من المعارض هي قد الدراسة حالياً .
وهذه بعض اللقطات لأعمال الفنان سليم عكة ، ونترك القطعة الفنية تتحدث عن نفسها.

إعداد وحوار: شادي نصير

تحرير: رنا ماردينلي