إلى (مها)، أبنتي الكبيرة.. وأمي الصغيرة، الني تهدهد أحزاني .. وأنا أشهد الخراب الشاسع في الانسان..
بيد الإنسان ! . .
بالحب ! . .

 

عبد الرزاق معروف

((قصيدة))

مكابدات التوحيدي 

الإهداء

إلى (مها)

أبنتي الكبيرة
وأمي الصغيرة
الني تهدهد أحزاني
وأنا أشهد الخراب الشاسع
في الإنسان
بيد الإنسان ! . .
بالحب ! . .

ربتت القصيدة على كتفي القصيدة مرَة
قالت : ستكبر .. إنما برعايتي
ورضعت أحلام القصيدة كلها
من يوم كانت طلة في نغمة
فإذا انطقت ففي مجاز جوازها
جسداً يحاور روحه بإشارة
وإذا سكتُ فإنها في داخلي
تحكي احتمالات الهوى لولادة
قالت : أنا الإنسان في مأساته
وأنا أمارس في هواه قضيتي
مادام في أطماعه .. وخيانتي
سأظل في إقناعه … وقناعتي
هذي القصيدة أمسكت إزميلها
حتى تبلَ غليلها في حرقتي
شبَابة جوَابة الأشواق
والآفاق .. خطت حلمها في خطوتي
هي أرهفت جسدي ليومض في السرى
ويمارس الحلم العميم بيقظتي
هذا المشظَى بين أوهام المنى
فجأ البكاء خريفه للعودة
(كم منزل في الأرض يألفه الفتى)
بين المنازل وزعتني ألفتي
ولعلني لا ألتقي بك في غدي
فلم القطيعة ياأخي في المحنة

(ليست عشيات الحمى برواجع)
إلا على نول الدموع .. بدمعتي
كم وردةٍ صليت في محرابها
فتحوَلت لفراشة قديسة
أنا مثلها .. في لمسة صوفية
أو نظرة أو بسمة .. أو دمعة
أي المدائن أنت يا زنزانة الأرواح
في لهفاتها الموءودة؟.
قومي من العفن الرجيم .. ومارسي
سرَ اشتهائك في نظيف الشهوة
الحسن في تلك الوجوه إشارة
للحسن .. أبعد من سرير المتعة

يا خالق الأرواح في ناياتها
لك تشتكي فيما أعاني عبرتي
ماذا تغنَي بجعة في أفقها
عسس بألف هراوة .. وهراوة ؟.
ماذا تقول قصيدة متهومة
ليست بسمسار .. ولا رقَاصة!.
ما في فيافي الرعب من غوغائها
إلا قوافي الحبَ من أغنيَتي
غنَي على جوعٍ ولا تتعهري
لأقول للرفاء : أنت قصيدتي
يامرشدي لولاك كنت ممزقاً
بين اشتباه نواظري .. وتشتتي

بالحبَ …أفتح ألف نافذة ..
.. ونافذة لألف فراشة وفراشة
أمضي ويبقى الحبَ في آلائه
يروي المدى بقصائدي المطرية
(يا صاحبيَ تقصَيا نظريكما) 
تريا منمنمة الشقاء: مدينتي
عوجا على نهم الشوارع .. نجتلي
في هذه الفوضى إشارة وحدة
هل في الشواهق غير قزم شاهق
يجترَ معنى آخراً للقوة؟!.
زادت مساحيق الخراب .. وكلما
أوغلت في الإنسان زادت خيبتي

هي خيبة أخرى .. وقزمُ آخرُ
والحبَ غير الحبَ في أغنيتي
صاروا كوابيس النهار .. ولغوه
فإذا حلمتُ فما أرى في ليلتي؟.
كم رنةٍ ثكلى وراء الصمت
قد عزيتها .. وأنا أداري حرقتي !.
رقََع ظنونك باليقين .. فإنهم
ألفوا الخيانة في حضيض السخرة
لم كلما عثر العليل انتابه ، وجع
الطلول ، وتاه عن تلويحتي
لو يعلم الغرباء ما في غربتي
عن أمتي العرباء .. عزَوا عزتي

أنا مرة في صرخة شعبية ،
أحتجُ .. أو في شطحة روحيَة
وبراق حزني يرتوي من زمزم
ويطوف بالإنسان حول الكعبة
مارست بالكلمات أسرار انتمائي
للغيوم .. حنينها للحنطة
إن انعتاقي مرة من هيكلي
لم ينس ما عانيته في فجوتي
طوبى لعندلة الجارح .. ((تؤسطر))
الحزن القراح .. لبرهة علوية
هل صرت طوراً للتجلي مرةً
وعرفت سرَ حداثة الصيرورة؟.

فإذا أشرت حرف شارة
للوقت في آدابه المرعية
أبداً ترى بين النقائض فسحة
للحب .. أطفأها الغباء بطفرة
أسفي على الإنسان برقاً خلَباً
لم يدر .. في الأحلام ما في اليقظة
هل يعرف الغرباء كيف تهمشوا
في غربة .. وتهشموا في خربة؟.
يا مثخناً بالتوق للمجهول …
ما المأمول في أوجاعنا الأرضية ؟.
ولمن تلوَح فوق نارك أيَها
المجهول .. في أشواقه المجهولة؟!

ضاععت أمانينا .. فكيف نردها؟.
من شرفة العمر القصيَ بساعة؟!
ما أوجع الأحلام !. ينثرها خريف العمر
فوق وجوهنا المٌغيَرة!
كيف اكتهاتُ مبكراً .. في لحظةٍ
وأنا على ناعورة البشرية؟.
هذي زهيرات الفؤاد موائد
للنحل .. والفقراء .. عند نهايتي
أسرفت في الطيران .. أين سترتمي؟.
إلا على عريانَ .. أوعريانة
يامُترع اللوعات بالإنسان ..
من أغراك بالأرجوحة الشوكية

أرضعتك الوحشة الرقطاء
غير عويلها .. في الحارة الثرثارة
نافرتَ .. ثم نفرتَ من إيلاف ألاَف
المعَرة .. في ثيابٍ ثرَة!
سرَح شجون الناي يا أيوب إني
راحل مع طفلتيَ .. وحسرتي
حزني مدى الإنسان خطوة عزَه
مامات، رغم العمر ، دون الخطوة
لم تنكشف لك عورة … ياقلعتي
فامشي ولو بجوارب مقطوعة

عاجت على طلل العروبة تشتكي
سيَافها قمرية الحرية
فبكيت في ليل الفجائع .. والهوى
وطناً جميلاً في دفاتر طفلتي
في متحف الأيام سيف يصطلي
عهر المسوخ على بقايا الأمة
من أين تبدأ قصتي ؟. ياآدم
الأسماء في فيء العناء .. لدورتي؟.
حطَت طيور غيابنا في غابة
من لي على عزَ العزاء بعودة ؟.
لكنه وقت لأشهق في العواصف
كلما ضاءت نوارس رحلتي

ما في الزحام الغث غير براقع
للعري .. أو قصب يئن بطعنة
طلع الصباح على خرائب جهلنا
من لي بتلك الدرَة العمرية؟!
شيئاً فشيئاً تهرب الأشياء من
شيء عميَ عاش في تهويمة
شيء ليهتك برقع الأشياء
كان حريقه براقع شمعية
أصغوا قليلاً للسكوت فإننا
بين الكلام .. حطام تلك الرنة
فترفقي يابنت يعرب بالعتاب
فإن لي بين الكلام إشارتي

أرأيت في أشواقه حلاَجها؟.
وحرجتِ يوماً من حضيض الوحشة
جارت فغنَى .. ما انحنى .. ومضى
الشهيد إلى مدارات الرؤى الصوفية
ما للشواطىء فرَقت شبَابها
عند الشتاء .. لموقد .. وخرافة
والسندباد الفرد في أشواقه
يستطيع المجهول سر الرحلة
بالودَ محتدماً … يهدهد سيفه
بين افتراءات المسوخ النخبة
(ومدجج كره الكماة نزاله ..)  
نتف الحواجب وانتهى في حانة
فشككت بالرمح الأصم شخيره
فجرى إلى بوقاته المشبوهة
متعتَب من حيث لا متعتَب ..
يصطاد في حلمي عليه زلتي
عانى عراء كساده في نفسه
فتبرَجت دعواه في سوقية
يا وردة الأضداد … إنك منتمي
للأرض في أشواقها العلوية
للروح هذا الطل في إسرائها
حتى على الأشواك في جبانة
شرف لأيامي على علاَتها
ما عللَت للمتعبين .. وعلت
سيرى .. إذا خرج المغيَب مرة
رابطتُ في ثغر الرؤى المسحوقة
صبراً فإن الله عند مسيرتي ..
فيه … وإن الله عند محطتي.

– مكابدات التوحيدي (قصيدة)
– عبد الرزاق معروف
– الطبعة الأولى : آذار 2005
– الحقوق محفوظة

تمت الموافقة على الطباعة
بموجب كتاب اتحاد الكتاب العرب
رقم (457)
تاريخ 15/1/2005
وموافقة وزارة الإعلام/ دمشق

دار الثريا للنشر
حلب- ص.ب (5928)- هاتف 4785227