وهذه قصيدة قصيرة أخرى لشادي نصير، منتظرين تواصلكم معنا.

السيرة الذاتية لشادي نصير

نافذة الضوء               قصة قصيرة لـ شادي نصير


وترسم النافذة ضوءً قوياً فوق البلاط, أشيح النظر في اتجاهات الغرفة الضيقة, علني أعثر على بصيص عتمة أختبئ فيها من قذارة الحياة التي رمتني كمجرم في هذا المكان.
يقتلني شوقي لها, وأتحسس بعيني بقايا أطرافي التي كستها الاكزما, أنهض لا مبال, وأسير مخترقاً الجدار الفاصل, لأذوب في رمال الشاطئ المالحة, كبقايا صدف كلسي.
يداهمني طيفها, تنشد بابتهاج, ومن خلال رقمها الأول, مبتهجة بقسوة ما أنا فيه.تقتلني الغربة في هذا المكان, وأتلمس بفوضى الضوء, الأرض الرطبة, علني أعثر على مصباح سحري كمصباح العلاء, أستطيع حكه بقدر كبير من الحرية, لاضطجع في حضن حبيبتي على بعد آلاف الكيلو مترات من عمق الأزرق الكبير.
يعيدني إلى واقعي صراخ الجلادين القابعين في الخلف حيث لا مكان فيه لتعشش العناكب, فقد تفتت شبكتها منذ زمن طويل إلى أشلاء لا قيمة لها. وهل يعقل بأنني سأهجر المكان قبل أن تقبض علي روح الشر…؟
يا إلهي, وما شأني في حادثة كتلك, فأنا لا أعرف ما الذي حدث. هم جماعة لهم حقوقهم ومناصريهم, ومن أنا لأدخل ضمن مسيرهم, وأصرخ مثلهم, وأهتف لا … , وأحمل علماً من أعلامهم الملونة بألوان القزح…؟ ومن أنا الذي سيقتنع بما يطلبون, مع أنني حتى هذه الثوان المخيفة لا أعرف بما يطالبون ولم يطالبون .
هدأ صوت الصراخ,وبدأ يكبر الصراخ داخلي
لصوت الباب الحديدي صرير مخيف, تتطاير منه آلاف الأفكار الجميلة, وتختفي صور الورود والفراشات الملونة, بل وتنتهي ألوان قوس قزح, منتحبة حتى تصبح كالحة كالرماد القاتم.
ليديه ملمس خشن, وأنا المصاب بالاكزما, أستطيع تحسسه, فهو كنوع من الألمنيوم تمسكه والدتي عادة لتفرك به الأواني ,لتزداد بريقاً, يا إلهي وما سيفعله بي ذلك المتعطش للدماء المحقونة.
سحبني ككلب مسعور من قبة قميصي, جذبني بقوة ماسحاً الأرض حتى خرجت من الضوء القوي باتجاه عتمة أغلقت عيني, ولم أعد أرى من الخوف إلا امتداد لضوء النافذة القوي والذي راح يتلاشى رويداً رويداً.
لا يزال رأسي يؤلمني من ركبتي, وضغطهما عليه, ولا يزال الدم النافر من أسفل قدمي رطباً سائلاً بسخونة تقزز, ولا أزال أصرخ ألماً, وأحلف بمئات الآلهة بأنني لا أعرفهم, وساقني حظي العاثر لألتقي بهم, حتى ضجر من في خارج الغرفة, وهددوني بالضرب أكثر إن لم أخرس.
عندما رميت أرضاً في الخارج, وتحسست إسفلت الشارع في البداية, ولعقت التراب, عرفت بأنهم صدقوني, وكيف لا, وقد نهبوا ما كسبه عظمي منذ سنين بأقل من يومين, وأصبحت هزيلاً بشعر ذقن كث.
سحبت جسدي المتألم, وابتعدت قدر المستطاع, نظرت خلفي, علي أعثر في جدار البناء الضخم على تلك النافذة التي أعمتني ليومين, ولكن عبثا ً …..