أقامت الجمعية العربية المتحدة منذ قليل ندوة فكرية ثقافية بعنوان”أنا والآخر”

الأنا والآخر

أقامت الجمعية العربية المتحدة منذ قليل ندوة فكرية ثقافية بعنوان"أنا والآخر" وذلك في كلية العمارة بجامعة حلب,بدأت الفعالية بكلمة افتتاحية من الأستاذ عبد القادر بدّور رئيس الجمعية.

وقد شارك في الندوة كلّاً من الدكتور محمد بشير دحدوح وهو أستاذ في تاريخ الفلسفة في كلية التربية وأديب و باحث وشاعر وله عدد من الدواوين الشعرية,وأيضاً الدكتور محمد العبد الله أستاذ الصحة النفسية في كليّة التربية ومحاضر في عدد من جامعات الوطن العربي وقد نشر العديد من الأبحاث وله مؤلفات كثيرة في الفكر والفلسفة.

 

وقد اعتمد المحاضرون في الندوة أسلوب الحوار الذي ترأسه الدكتور حسام الدين خلاصي.
دارت الندوة حول مفهوم الأنا والآخر وطريقة التكيّيف مع الآخر وفهمنا لمعنى الأنا ومعنى الآخر, وعن ذلك قال الدكتور دحدوح:
عندما أدرك ذاتي لابدّ لي في هذه اللحظة أن أجد الآخر والآخر لا معنى له من دون الأنا,
كما تتطرّق الدكتور خلاصي إلى مفهوم الأنا والآخر لدى الطفل وهل هي موجودة داخل الطفل أو هي وليدة التربية, عنها قال الدكتور العبد الله:
في المرحلة الأولى لا يستطيع الطفل التمييز بين ذاته وبين ما يحيط به ,فهنا الطفل غير مدرك للأنا وغير مدرك الآخر وكلاهما سواء لديه أما في مرحلة متقدمة عندما يبدأ الطفل المشي عندها تكون هذه العملية هي بداية معرفته للآخر حينها يكون قد انفصل عن أمه وبدأ يتعرّف على مجتمع جديد غير الذي تأقلم معه وبمجرّد احتكاكه بهذا المجتمع يصل إلى معرفة ذاته"الأنا" عن طريق معرفته للمجتمع"الآخر" وهنا لا يخلو الأمر لديه من قلق وتوتر فقد دخل إلى مجتمع جديد خارجٍ عن الذي كان يعرفه "الأم" وهذه الاستقالة عن الأم هي عملية جدُّ مهمّة في تكوين ذاته الخاصة وتكوين استقلاليته عن الآخر المتمثّل بالمجتمع.
وأضاف الدكتور دحدوح:
إن كل من لا يدرك أناه لا يدرك الآخر ولا يستطيع التواصل ولا يملك حتى قوّةً للتعامل مع الآخر, وإنّ كل من يعتقد أنه يكتمل مع الآخر فهو واهم وهذا الشخص يكون غير مدرك لأناه.
أما بالنسبة للأنا المُحبّة للتملّك فاتفق المحاضرون على أنّ:
الحاجة إلى التملك والسيطرة والحب والتواصل موجودة لدى الجميع ولكن بنسب متفاوتة والعلاقة السوية هي التي تكون مدفوعة بهذه الصفات مجتمعة فجميع الناس بحاجة إلى التواصل مع الآخر والسيطرة عليه وتملّك الآخر ولكن يجب أن يكون التعامل سويّاً ومدفوعاً بمجموعة كاملة من الدوافع دون أن يكون مدفوعاً بإحداها على حساب الأخرى.
وأما عن الاتفاق والاختلاف بين الأنا والآخر فقد أجاب الدكتور محمد العبد الله:
عن الاختلاف حول الأنا والآخر لابدّ من الإشارة إلى أن الاختلاف بينهما ليست مشكلة بل المشكلة هو الاتفاق لأن الاختلاف هو جوهر الحياة فمن خلاله نجد الآخر ونجد الأنا التي ربّما نبحث عنها

 

 

وحول سؤال وجّهه الدكتور خلاصي عن تعدد أنماط الأنا أجاب المحاضران:
لا أتصور أن هناك تعدد في الأنا فلا يوجد أنا اجتماعية على مستوى البلدة أو المنطقة أو البلد بل هناك أنا واحدة فقط وهذه الأنا تتحرّك من خلال هذا المجتمع المتحرر أو المتزمت.
وحول من يقو أن هناك علاقة واحدة بين الأنا والآخر أي هما إما في اتفاق أو ي اختلاف، قال الدكتور العبد الله:
يجب أن تكون العلاقة بينهما في انسجام واتفاق وأيضاً في اختلاف فهذا الاختلاف يؤدي إلى تطوير الذات والمجتمع من خلال الاتفاق والاختلاف إذ لا يمكن أن يتمّ التطور بالاتفاق وحده أو بالاختلاف وحده وعلى الشخص أن يتقبل الاختلاف في جميع الحالات لأن نمو الشخص يعتمد على تقبّله لوجهة نظر الآخر,إلا أنه توجد أيضاً حالات نادرة مع الآخر لا يمكن الاتفاق معه أبداً كالكيان الصهيوني.
كما تطرّق المحاضرون إلى حالة هامة جداً وواسعة ألا وهي ذوبان الأنا في المجتمع, كالإعلامي الذي تندمج أناه في المجتمع فتأخذ شخصيته وكيانه:
إن السؤال واسع جداً وتحتاج إلى محاضرة كاملة عنها, إن الأنا التي تكون سهلة الانجذاب نحو الآخر تكون غير مستقرّة ويجب تربيتها لتكون كياناً صلباً بحد ذاته ولا تنخرط في الآخر, تأخذ منه وتعطيه وإنما لا تندمج فيه, وهذا يتوقّف على تربية الذات منذ الصغر ويجب أن يبدأ الشخص بنفسه أولاً ليتمّ تدارك الوضع ويصنع لنفسه كياناً خاصاّ, ويتم تدارك الوضع ابتداءً من لروضة والحضانة ومروراً بمرحلة المراهقة حين تأخذ الأنا طباعاً خاصاً بها وتستقل عن الآخر المتمثّل بالمجتمع فالعملية عملية تربويّة تساهم بها كافة المؤسسات التربوية التي يعيش فيها الفرد.
في نهاية الندوة تم الإجابة على أسألة الحضور ومداخلاتهم كما تم شكر جامعة حلب باعتبارها أساسية للثقافة والفكر فنحن جميعاً من أبناء جامعة حلب وبهذه الندوات التي نقوم بها عن طرية الجمعية العربية المتحدة للآداب والفنون هي تعبّر عن عرفاننا وامتنانا لهذه الجامعة التي أعطتنا الكثير .


كما تم توجيه بطاقة تعزية إلى ذوي المرحوم رئيس الجامعة السابق الدكتور محمد سعيد فرهود غمره الله برحمته وأسكنه فسيح جنّاته……