ندوة حوراية تحت عنوان تحفيز القراءة عند الناشئة في المكتبة الوقفية في حلب بتاريخ 8،9/10/2011

 

 

أقيمت ندوة حوراية تحت عنوان تحفيز القراءة عند الناشئة في المكتبة الوقفية في حلب بتاريخ 8،9/10/2011

وقد جاء في بطاقة ورشة العمل

تحت رعاية السيد مدير أوقاف حلب
الدكتور أحمد عيسى محمد

ورشة عمل: "تحفيز القراءة عند الناشئة"
المكتبة الوقفية في حلب

11،12ذو القعدة 1432هـ – الموافق 8،9/10/2011م
الساعة الثامنة والنصف مساء في قاعة المؤتمرات في المكتبة الوقفية

إعداد وتنسيق: د. محمود مصري
أمين المكتبة الوقفية

وقد ألقى الدكتور محمود المصري كلمته في بداية الندورة قائلاً:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي دعا عباده إلى القراءة بقوله: اقرأ، ووجههم في قراءتهم بقوله: باسم ربك الذي خلق، وأكرمهم بالاستعداد لتلقي العلم بوسائله, فقال: اقرأ وربك الأكرم الذي علم بالقلم علم الإنسان ما لم يعلم، والصلاة والسلام على من بعث معلما للناس الخير، وعلى آله وصحبه ومن تبع هداهم في قراءة الآيات المسطورة في القرآن والمنظورة في الأكوان.
منذ سنة مضت طرحت المكتبة الوقفية فكرة تحفيز القراءة عن طريق مشروع يهدف إلى استثمار أوقات الانتظار في الأماكن العامة وشغل تلك الأوقات بالقراءة، غير أننا لم نجد استجابة من الإدارة آنذاك، كما طرحت المكتبة الوقفية مشروعا لإنشاء مركز ثقافي وقفي خاص بالناشئة، ولم يكتب له القبول عند الجهات المعنية أيضا، ثم ضمني منذ شهر تقريبا اجتماع مع المهندس الأستاذ زياد موصللي مدير المتابعة في وزارة الأوقاف وبحضور السيد معاون الوزير، وكان سروري بالغا عندما طرح الأستاذ زياد فكرة هذه الورشة، وكان شديد التحمس لها، وشديد الحرص على إنجازها، وها هو صدقه في الطلب يبرز ورشة تحفيز القراءة عند الناشئة إلى حيز الوجود، بقبول ورعاية كريمة من مديرية أوقاف حلب، والتي نرجو أن تكون ثمرة ورشتنا العملية تبنيها لمشروعي المكتبة الوقفية النظريين: مشروع القراءة في أماكن الانتظار ومشروع المركز الثقافي للناشئة. 

 

فكرة ورشتنا: "تحفيز القراءة عند الناشئة" تقوم على الإفادة من خبرة أهل العلم والثقافة والاختصاص في دراسة ظاهرة الابتعاد عن القراءة عند ناشئتنا الذين هم رجال المستقبل، وذلك من حيث أسباب هذه الظاهرة والآليات والوسائل الكفيلة بمعالجتها، وما يتصل بذلك من موضوعات أخرى، وهذا ما سوف يكون في الغد حيث سنستفيد من الأفكار التي سيطرحها الأساتذة الحضور لكل محور من المحاور المقصودة بالدراسة والمعالجة في الندوة، وذللك بعد أن يقوم أحد الأساتذة المشاركين بشرح فكرة المحور الذي سيتم تناوله في زمن قصير لا يتجاوز خمس دقائق، ثم تكون بعد ذلك المشاركات من الحضور عن طريق بطاقات توزع عليهم.
وقد ارتأت اللجنة التحضيرية للورشة أنه من المناسب أن نمهد لورشة الغد بمجموعة من الورقات تقدم من الجهات المعنية بقراءة الناشئة، سواء منها الحكومية أو الأهلية، والغاية من تقديم هذه الأوراق

 يمكن أن نجملها في ثلاثة محاور:
المحور الأول: تقديم رؤية نظرية لمشروع القراءة تنطلق من ثوابتنا العربية والإسلامية، وهذا ماسوف تناقشه الورقات الثلاث الأولى:
القراءة في سورة اقرأ: د. عبد البديع نيرباني – كلية الآداب / جامعة البعث
ظاهرة القراءة في دلالاتها المختلفة: د. محمد شريح / باحث في العلوم الإنسانية والشرعية
القراءة واللغة والأمة: أ. د. أحمد فوزي الهيب – باحث في اللغة والأدب
المحور الثاني: تسليط الضوء على عمل المؤسسات في مجال القراءة، من حيث رصد واقع القراءة في تلك المؤسسات، وعرض التجارب التي أقيمت في هذا المجال. وهذا ما ستعرضه خمس ورقات:
واقع القراءة في المراكز الثقافية (رصد وإحصائيات): أ. غالب البرهودي – مدير الثقافة في حلب
دور كلية التربية في تحفيز القراءة عند الناشئة:د. عهد حوري – كلية التربية / جامعة حلب
واقع المطالعة في التعليم ما قبل الجامعي: أ. إياد الحلبي – مديرية التربية
أسباب البطء في القراءة: أ. سامر الرفاعي – مركز تأهيل الدعاة والتنمية البشرية / وزارة الأوقاف
واقع النشر الموجه لليافعين:أ. أحمد طلحة – دار الملتقى
المحور الثالث: تسليط الضوء على العمل الأهلي في مجال القراءة من خلال الجمعيات والمنظمات، أيضا من حيث رصد الواقع ، وعرض التجارب. وهذا ما ستعرضه ست ورقات:
تحفيز الناشئة على القراءة في الأسرة/عرض كتاب: أ. أحمد حسن الخميسي – مديرية الثقافة
استبانة الورشة حول واقع القراءة في مدارس حلب: أ. عبد الرحمن ددم – جمعية العلوم الاقتصادية
المكتبة المتنقلة: م. غادة الرفاعي – الأمانة السورية للتنمية
تحفيز القراءة من خلال مكتبات الأطفال: أ. مريانا حنش – مديرية الثقافة
دور الجمعيات الأهلية في تحفيز القراءة (جمعية التعليم نموذجا): أ. منال مراد – جمعية التعليم ومكافحة الأمية
تحفيز القراءة من خلال مشروع "معًا نرتقي":أ. رفيف مجني – فريق معًا نرتقي

بعد انتهاء ورشة العمل سوف نقوم بتفريغ البطاقات ومقاطعة المعلومات فيها، ثم صياغة النتائج النهائية للورشة.
وتبقى خطوة أخيرة هي تكليف بعض الباحثين ببناء بحث علمي بالاعتماد على نتائج الورشة ليعمم على الجهات المعنية، وذلك بعد مناقشته في جلسة علنية يدعى إليها لاحقا.

 

 

وشارك في الندوة عدد المحاضرين، ونقدم لكم مقتطفات عم جاء فيها:

في أزمة القراءة و دلالاتها المختلفة د.محمد عادل شريح
منذ العام 2003 و مع توالي صدور تقارير الأمم المتحدة للتنمية البشرية و نحن نقرأ المقالات و الدراسات المتنوعة التي تناقش قضية القراءة و مكانتها عند الشعوب، و النسب المؤوية للقرّاء في المجتمع العربي و معدلاتها،و نسبة الكتب المطبوعة لدى دور النشر عندنا وما يقابلها في المجتمعات المختلفة، و بين يدي كل هذه المقالات و الدراسات تُقدم إحصائيات مختلفة بعضها صحيح و بعضها غير ذلك.
لا نريد في هذه المقالة مناقشة الإحصائيات و مدى صحتها أو خطئها، و نحن نقر منذ البداية بأن نسبة القراءة و القرّاء هي نسبة متدنية في مجتمعاتنا العربية و الإسلامية عموماً، لكننا مع إقرارنا بهذا الأمر نريد أن نناقشه هذه المرة من منظور مختلف عن ذاك الذي اعتدنا أن نراه في الدراسات و المقالات الكثيرة التي تتحسر على واقع القراءة و تندب و تتهم المجتمع و أفراده بالجهل.
و تأتي أهمية دراسة هذه الظاهرة ، أقصد المسارعة إلى اتهام الذات و المجتمع دون النظر العميق و التروي و التعمق في فهم و تحليل أي ظاهرة، كونها قد تحولت إلى منهجية عامة في الدراسات الاجتماعية التي تتناول الكثير من قضايا المجتمعات التقليدية ذات الخصوصيات الثقافية المميزة، و على رأس هذه المجتمعات مجتمعنا العربي الإسلامي و ثقافته و تاريخه و نمط علاقاته و قيمه الاجتماعية. 

 

لقد تعود المثقف العربي على ترديد خطاب الإدانة لمجتمعه الخاص و لما يراه من ظواهر سلبية في هذا المجتمع بمناهج أيديولوجية عموماً، و أقصد بذلك أنها ترى في الفكرة المتبناة أو منظومة الأفكار إن شئت، حقائق مطلقة للقياس بغض النظر عن الحيثيات الواقعية التي تضفي معاني جديدة على أي ظاهرة هي قيد الدراسة. لذلك نرى هذا المثقف يسارع إلى الإدانة و الرفض و تخطئة أي ظاهرة لا تتوافق و رؤيته الأيديولوجية. لقد جعلت هذه المنهجية المثقف العربي يبدوا و كأنه ينتمي إلى طبقة خاصة تعيش همومها الخاصة و لها نفسيتها و تطلعاتها الخاصة فنراه يناقش كل قضايا أمته انطلاقاً من منطقه المتعالي و المترفع و نجده لا يتردد في نسبة كل النواقص و المثالب إلى أمته من تخلف و رجعية و تحجر و ظلامية و عقلية أسطورية واتكالية ….. إلى آخر هذا القاموس المعهود والذي أضاف إلى مفرداته جملة جديدة: (أن أمة أقرأ لا تقرأ). لقد كرست هذه المنهجية في التعامل مع قضايا المجتمع العربي مستوى متدني من تقدير الذات و قابلية مسبقة لنسبة كل المثالب و الاتهامات للذات، فساهمت في تكريس النفسية السلبية العاجزة التي تتقبل كل الاتهامات برضى و تسليم، و قد تبدت هذه المنهجية بشكل كبير في التعامل مع قضية القراءة في المجتمع العربي و النسب و الإحصائيات التي نشرت بصددها.
إن ظاهرة القراءة كظاهرة اجتماعية هي نموذج للظاهرة التي لا تقبل التفسير بمناهج كمية إحصائية (Quantitative)، إنما تتطلب منهجية نوعية أو كيفية (Qualitative ) فالإحصائيات و الأرقام المجردة، و على افتراض أنها في غاية الدقة سوف تقودنا إلى نتائج مضللة.
لا شك أن نسبة القراءة في مجتمعنا العربي متدنية و لا تقارب ما نطمح إلية كأمة مسلمة تميزت بحب العلم رفعت السعي العلمي إلى مراتب العبادات العليا، لكن لهذه الحقيقة وجوه أخرى ينبغي أن نراها و نحللها بمنهجية صحيحة وعلى ضوء رؤية متحررة من هذه الرغبة المرضية في اتهام الذات.
إن هناك مجموعة من الحقائق التي يجب أن نراها بوضوح و هي:

 
أولاً : ليست نسبة القراءة العالية بحد ذاتها إيجابية تقتضي المديح، و ليست نسبة القراءة المتدنية بحد ذاتها سلبية تقتضى الإدانة. الميزان الدقيق لهذا الأمر هو ما يقف وراء هذه القراءة و الدافع إليها و الغاية منها، فربما كانت هذه الظاهرة تحمل دلالات مختلفة مرتبطة بواقع المجتمع و طبيعة الإشكالات الكبرى التي يعيشها أفراده.
إن من يعرف المجتمعات الغربية عن قرب و يعرف حقيقة هؤلاء الذين يقرؤون في وسائل المواصلات و في عيادات أطباء الأسنان و في الدقائق القليلة بين كل أمرين سوف يعرف عنهم حقيقتين، أولاهما أن هؤلاء الأشخاص هم من أكثر الناس ثقافة، بمعنى أنهم من أكثر الناس معرفة لعدد كبير من التفاصيل المتنوعة، أما ثانيهما فهي أن هؤلاء هم من أكثر الناس إحساساً بالضياع و فقدان المعنى و القلق الوجودي وهم يعيشون حالة أقرب إلى هستيريا البحث عن أمر يشعرون بكل كيانهم أنهم يريدونه لكنهم لا يحصلون عليه و لا يعرفون كيف يحققونه.
إن هذه الفئة من الناس هم أكثر الناس إحساساً بعدم جدوى الوجود و هم أكثر الفئات قابلية لارتكاب الحماقات في حياتهم و هم الفئة المرشحة لتقديم النسبة الأكبر من الراغبين في الانتحار .
إن القراءة كظاهرة تشير إلى السعي المعرفي هي ظاهرة منظمة و مركزة و تسعى إلى غايات واضحة، لكن عندما تكون غير ذلك فإن لها تفسيرات مختلفة ليس السعي المعرفي المنظم و المتسق من ضمنها.
إن القراءة عندما لا تكون مركزة و محددة و تبتغي غاية معرفية واضحة، فهي قد تكون مؤشر على فقدان الإنسان للحد الأدنى من اليقينيات التي يحتاجها من أجل أن يعيش كإنسان سوى، و الحقيقة أن هناك الكثير من الحيثيات مما يؤكد وجهة النظر هذه في تفسير النسبة العالية للقراءة في عدد من المجتمعات الغربية، إن السبب الذي يقف وراء هذا السعي المحموم للقراءة، هو البحث عن يقين يحتاجه أي إنسان ليتمسك به، فتراه يبحث عند نيتشة تارة و عند تولستوى تارة أخرى، وهو يبحث في الفلسفة و في الأدب و في التاريخ عن المعنى، و تزدهر هنالك كل الكتب التي تروج لتعاليم تتحدث عن التوافق والتناغم بين الإنسان و الطبيعة، وعن القدرات الخارقة الكامنة في الإنسان، وتتحول خرافات الهنود إلى تعاليم مقدسة لها أتباع، وتصبح قصص ألف ليلة و ليلة صورة للشرق المتوهم المفعم بالخيالات الجميلة الساحرة.

إن هذا البحث هو صورة عن ذلك السعي نحو المعنى الذي رأي فيه عالم النفس الألماني الشهير فريدرك فرانكل المرض الأخطر في شخصية الإنسان الغربي المعاصر، وعبر عنه بجمل دخلت قاموس العلوم النفسية الحديثة كإرادة المعنى ، أو الإنسان في بحثه عن المعنى و الفراغ الوجودي و غير ذلك من المفاهيم التي أنتجتها الأزمة الوجودية و عبرت عنها الفلسفات الوجودية في الفكر والأدب، إن هذا القارئ النهم يحصّل بسعيه هذا تفاصيل كثير، لكنه لا يحقق أي يقين وجودي !!.

 
في المقابل لو ذهبنا إلى أبسط فلاح في صعيد مصر ، أو في أي ريف من أرياف بلاد الشام أو الجزيرة العربية، ممن ننعى عليهم أنهم لا يقرؤون، فإننا قد نجد أن هذا الفلاح البسيط الذي لم يقرأ كتاباً في حياته سوى كتاب الله عز و جل، سوف نراه آمناً مطمئناً يحمل تصوراً متكاملاً عن أصل الوجود و معنى الوجود و عن غاية هذا الوجود على المستوى الكلي و على المستوى الفردي كما يستطيع بكل بساطة و يقين أن يفسر لك من الظواهر الحياتية ما قد يعجز عن تفسيره عتاة الفلاسفة.
إذن فالقراء كحالة معرفية لها مؤشرات علمية تختلف تماماً عن القراءة كحالة نفسية اجتماعية لها مؤشرات مرضية. إن اكتمال الرؤية الوجودية و تكاملها في ثقافة ما قد تكون سبباً في تراجع نسبة القراءة العشوائية، في حين أن ضياع المعنى الوجودي و فقدان اليقين و التصور الواضح لمعاني الوجود و الحياة والموت في ثقافة ما قد يدفع نحو حالات من السعي المحموم الذي يوفر بيئة مناسبة لانتشار ظاهرة القراءة العشوائية غير المنظمة التي لا نستطيع أن نجزم كما يجزم الآخرون أنها ظاهرة إيجابية.


ثانياً : القضية الثانية و المهمة هي أننا قبل أن نطالب أمتنا بأن تقرأ، علينا أن ننظر ملياً في ما نكتب و في طبيعة الكتب و الدراسات التي تصدر عن دور النشر العربية المختلفة، فلو نظرنا ملياً في هذه المنشورات لعلمنا أنه من رحمة الله بأمتنا أنها لا تقرأ ما يكتب محمد شحرور و لا نصر حامد أبو زيد و لا نوال السعداوي و لا فرج فودة و سيد القمني و صادق جلال العظم .. و قائمة طويلة من الأسماء يعرفها كل من يتابع الحياة الثقافية العربية.
لقد تحولت الكثير من الكتب التي تصدر عن دور النشر العربية إلى مؤلفات لا تنتمي من قريب أو بعيد إلى ثقافة الأمة، بل هي تتناقض معها و تتحامل عليها و تفندها و تسفه أحلامها و تزدري تاريخها فكيف لنا أن نطالب حامل الثقافة العربية الإسلامية أن يقرأ ما هذا وصفه. 


ثالثاً : خلافاً لما يعتقد الكثيرين و خلافاً لما تشير إليه الإحصائيات ، فإن أمتنا تقرأ كثيراً و تقرأ أكثر مما يظن المثقف العربي، لكن هذه النوع من القراءة المركزة و الممنهجة لا تعكسه الإحصائيات و المناهج الكمية في دراسة أي ظاهرة اجتماعية، فإضافة إلى كتاب الله عز و جل الذي يقرأه ملاين الناس في كل يوم، لننظر في عدد الطبعات التي تنفذ سنوياً في الأسواق لكتب من نوع رياض الصالحين و الشروحات المختلفة للأربعين النووية وجامع العلوم و الحكم لابن رجب الحنبلي، و كم هي عدد الطبعات التي نفذت من كتاب الغزالي إحياء علوم الدين و كم هي كذلك عدد الطبعات التي بيعت من كتاب ابن قيم الجوزية مدارج السالكين. و هنا أيضاً نستطيع أن نسرد قائمة طويلة يعرفها من يهتم بالثقافة العربية الحية، و لو عدنا إلى مثالنا السابق عن الفلاح المصري الذي ربما هو لا يجيد القراءة و الكتابة فإننا سنجده في كل أسبوع يتحلق مرتين بعد صلاة الفجر في مسجد القرية حول الشيخ يقرأ لهم في رياض الصالحين. ألا نعدّ هذا في قائمة القرّاء ؟ و في أي قائمة من قوائم الإحصاء سوف نضعه؟ لكن للأسف فإن هذه القوائم و الإحصائيات لم تراه وسوف لن تراه لأنه يمارس القراءة كفعل يتعبد به لله خالقه بعد صلاة الفجر عندما تكون الإحصائيات و أصحابها في سبات عميق. 

رابعاً وأخيراً ، ربما كانت أمتنا اليوم لا تقرا كثيراً ، و ربما كانت قوائم الكتب و عدد النسج المطبوعة في دور النشر العربية متواضعة جداً، لكن مرد ذلك ليس جهلها كما يعتقد ذلك من يريد أن يعتقد ، إنما هي لا تقرأ ما يصدر عن دور النشر العربية لأنها أمة مثقفة ، وهي بحق حاملة لثقافة رفيعة لا تنعكس في بؤرة مراكز الدراسات الإحصائية المتعددة ، إن أمة " اقرأ" لن تقبل أن تقرأ ما هو أدنى من مستوى " اقرأ"
فلو تأملنا في هذه الآيات العظيمة الكريمة (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1) خَلَقَ الإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ (2) اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأَكْرَمُ (3) الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ (4) عَلَّمَ الإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ ) لعلمنا أن للقراءة مبدأ و منهجاً و غاية تكون بهم هذه القراءة فعلاً مطلوباً، و هذا النوع من القراءة هو ما يجب علينا أن ندعوا إليه و أن نحرص عليه.

تحفيز الناشئة على القراءة في الأسرة 

الدكتور أحمد حمد الخميسي 
الأسرة هي الخلية الأولى في المجتمع، وهي لبنة من لبناته، فإذا كانت قارئة متعلمة، ارتقى المجتمع وتقدم لأنه بالعلم ترقى الأمم وبالجهل تنحط وتنهار.
لذا من واجب الأسرة تُجاه أبنائها أن تدعوهم للقراءة، وتحفِزَهم عليها منذ نعومة أظفارهم، لأن القراءة سُلَّم للعلم ووسيلتُه، وعن طريقها يتربى الفرد صغيراً أو كبيراً تربية رشيدة.
فكيف تحفِزُ الأسرة أطفالها على القراءة؟
إذا أرادت الأسرة أن يغدوَ أبناؤها قارئين، فما عليها إلا أن تقوم بدعوتهم للقراءة، وتؤمن لهم المناخ المناسب، وتوفر الوسيلة، وتمارس فعل القراءة قبل أن تأمر به، وفيما يلي توضيح موجز لكل خطوة من هذه الخطوات:

أولاً: الدعوة للقراءة: تبيِّن الأسرة للأطفال قيمة القراءة في حياة الفرد والمجتمع، ولا سيما القراءة الحرة خارج المناهج المدرسية، فالقراءة الحرة تدعمُ المنهاج المدرسي، وتزيد التلميذ ثقافة وعمقاً في عقيدته وعبادته وأخلاقه، وتجعله يطل على العالم من أوسع الأبواب.
وهذه الدعوة للقراءة تكون في جلسات حوارية هادئة بين الآباء وأطفالهم في الاجتماعات الأسرية في المنزل أو خارجه، وأن تتحين الأسرة الوقت المناسب للتوجيه نحو القراءة الحرة المثمرة.
وفي أثناء الحوار تذكر لهم أمثلة توضح الفرق بين من يقرأ ومن لا يقرأ، وتناقشهم حول برامج الأطفال التلفزيونية التي تدور حول القراءة والثقافة والكتاب.
وتحثهم على المداومة على المطالعة يومياً ولوقلت ليزدادوا علماً.
فالحبيب المصطفى –الذي هو أسوتنا- كان يحرص كل الحرص على تلقي العلوم من ربه في كل حين .
كما أن الأسرة تبيِّن لأبنائها الصغار والكبار صدق مقولة "أنا أقرأ إذاً أنا موجود"
وإذا أرادت أن تثَبِّتَ الأطفال على القراءة، فلتكثر من الحوافز والجوائز التشجيعية، وتجري المسابقات القرائية حول من يقرأ أكثر، ومن يفهم بشكل أعمق، ويعقد الأب جلسة خاصة لقراءة القرآن مع أفراد الأسرة بما فيهم الصغار، وجلسة أخرى لقراءة كتاب مفيد.

ثانياً: تأمين الوسيلة:
إذا اقتنع الطفل بالقراءة وأقبل عليها فمن المفيد أن نؤمن له الكتاب الطفلي الذي يلبي تطلعاته في شكله ومضمونه، وأن يكون ملائماً لسنه، فالقصص الموجة للأطفال الصغار تختلف عن قصص الأطفال الكبار الذين تجاوزوا العاشرة، فكل مرحلة عمرية لها ما يلائمها من الكتب، وأن نحرص على أن نضع بين يدي أطفالنا قصصاً وكتباً تنمي الاكتشاف والاختراع، عسى أن نكون أمةً مخترعة لا تعيش على مخترعات غيرها، وأن نكون منتجين لا مستهلكين.
ويتم تأمين الكتاب إما عن طريق الشراء وإما عن طريق الاستعارة، وجميل جداً أن نصطحب أطفالنا إلى المكتبة أو المعرض لنشتري سوياً ما يجب أن يقرأه الأطفال، فإذا ما شبوا عن الطرق، ندعهم يشترون بأنفسهم الكتب ونسدي إليهم النصح والإرشاد حول إقتناء الكتاب ونوعه.
ونحبب إليهم زيارة المركز الثقافي ومكتبة المدرسة واختيار الكتب التي تناسبهم وقراءتها، كما أننا نحثهم على قراءة مجلات الأطفال ومراسلتِها.
ثم نخصص للأطفال مكتبة جميلة بألوان جذابة، وندعو الطفل إلى ترتيبها وتبويبها دون أن نمنعه من الاطلاع على مكتبة الكبار.

 
ثالثاً: القدوة القارئة:
لعلي أجزِمُ أن أهم خطوة نقوم فيها كي نشجع أطفالنا على القراءة أن يروا الكتاب بين أيدينا نطالعه بنهم وشغف، فإذا رأى الطفل أباه وأمَه وإخوتَه يقرؤون تشبَّه بهم، فهو يعتبر أبويه قدوة مثالية بالنسبة إليه.
وعلى الأغلب سيخفق الأب في دعوة أبنائه للقراءة إذا كان هو لا يقرأ.
إن إقتناء الكتب وقراءتَها والاهتمامَ بها في الأسرة تحفِزُ الأبناء في جميع مراحل العمر "فمن شب على شيء شاب عليه"
وفي الختام أتساءل هل أمَّنَتْ الأسرة في بلادنا العربية مؤونة للعقول من الثقافة، كما تؤمن مؤونة للبطون في كل سنة بل في كل فصل؟
وهل فكر الأب بشراء الكتب كما يفكر في شراء البنطال والقميص والثياب الأخرى وفقاً لأحدث الموضات؟ أرجو أن يصحوا المقصرون من غفلتهم.

 

 

مشروع مكتبات الطفل

بدأت فكرة مشروع مكتبات الطفل من حاجتنا لوجود بنية ثمينة لنشاطات الأطفال الثقافية. وبدأ العمل على عدة مراحل:
1-ورشة انتقاء كتب ومجلات الأطفال:
يشارك في الورشة عدد من الأدباء أميني المكتبات ومجموعة من أسر الأطفال مع أطفالهم، ومن خلالها يتم استمزاج رأي الأطفال والأسر والمعنيين بنوعية الكتب مواضيعها وماذا يجب أن يوجد في مكتبة الأطفال
2-تجهيز مكتبات للأطفال في مدينة حلب من حيث الأثاث والكتب والتجهيزات التقنية، وهي كما يلي:
مكتبة الأطفال في المركز الثقافي العربي في هنانو بالتعاون مع مؤسسة آنا ليند السويدية.
مكتبة الأطفال في المركز الثقافي العربي في كل من : الفردوس-العزيزية-الصاخور-النيرب بالتعاون مع مجلس مدينة حلب.
مكتبة الأطفال في المركز الثقافي العربي في باب الفرج ومنبج بالتعاون مع اليونيسيف.

 

3-حملة التشجيع على القراءة: حيث تم إقامة حملة تشجيع على القراءة في المدارس بالتعاون مع مجلس مدينة حلب ومديرية التربية والفرقة الفنية
من خلال توزيع نشرة مفصلة من مكتبات الأطفال ومواعيد نشاطها ولمحة عن أهمية القراءة والمكتبات، وكذلك توزيع كتاب يتضمن قصص للأطفال ومعلومات عن أهم الكتّاب العرب، كما أقيمت مسابقات ثقافية خلال الحملة
القراءة في الحدائق العامة:
تم إقامة مشروع القراءة في الحدائق العامة بالتعاون مع مجس مدينة حلب وفريق معاً نرتقي أثناء مهرجانات الطفولة والمناسبات، حيث تم وضع خيم في الحدائق وطاولات وكراسي، وإقامة نشاطات موازية للقراءة، كمسابقة الطفل القارئ، وتكريم الفائزين 

5-جلسات الاستماع
يقام في كل مكتبة مرتين في الأسبوع جلسات استماع لقصص محددة الهدف يرافقها نشاطات فنية (رسم-اشغال يدوية-موسيقا) منسجمتين موضوع القصة أو الكتاب المطروح للنقاش والقراءة بهدف شد الطفل للقراءة والمكتبة وتحقيق المتعة والفائدة وربطه كذلك بالتقنيات الحديثة عن طريق البحث على الانترنت في المكتبة.
6- المكتبة المتنقلة:
تم تفعيل المكتبة المتنقلة بآلية جديدة بالتعاون الأمانة السورية للتنمية(الفردوس) من خلال إعارة المكتبة في القرى البعيدة؟، وعرض أفلام سينمائية وإقامة مسابقات للشعر والقصة والخاطرة وجلسات الاستماع والمسابقات الثقافية.

مريانا علي

 

 

 

الإخراج: زكريا محمود – عالم نوح