علاقة الرواية الأدبية بالسينما والتلفزيون، ندوة حوارية حاضر فيها كلاً منن الأديب نذير جعفر، والناقد السينمائي فاضل كواكبي، والدكتور فايز الداية.

 

 

 

 

 

نقدم لكم موجزاً للندوة الحوارية التي أقيمت على مسرح مديرية الثقافة في حلب بتاريخ 20-11-2011 حول علاقة الرواية الأدبية بالسينما والتلفزيون، من خلال المنتدى الثقافي  في الإسبوع الثالث من كل شهر، وقد حاضر الندوة كلاً من الأديب نذير جعفر، والناقد السينمائي فاضل كواكبي، والدكتور فايز الداية.

 

 الأديب نذير جعفر:

هذه الجلسة مخصصة لموضوع مهم، وهو علاقة الأدب بالسينما أي علاقة ما هو مقروء بالمسموع، فالخطاب البصري في حياتنا شبه مغيّب حتى أننا عندما نتوقف عند مسلسل ما أو فيلم ما في نقاشاتنا العامة غالباً ما نلجأ إلى المضامين وإلى المقولات والرسائل الاجتماعية أو الأدبية أو السياسية في العمل، ونغفل الخطاب البصري بوصفه فناً قائما بحد ذاته ولغة قائمة بذاتها قد تكون على علاقة خفية بالنقد الأدبي المأخوذة عنه لكن بتقديري بأن كل من الفنين له خطابه الخاص به، ولغته وأدواته. فالخلط بينهما غير جائز بأي حال من الأحوال. ففي هذه الندوة نأمل أن تكون فاتحة لإعطاء الثقافة البصرية للدراما بوصفها فنوناً لها آلياتها، فنعطيها حقها بما سيطرح من أفكار. وسيكون لدينا مساهمات من المخرج السينمائي فاضل كواكبي، ثم سيتحدث الدكتور فايز الداية عن الرواية في الدراما بما يتعلق بالإبداع والتلقي السينمائي، وسيكون لي مداخلة بما قدمه الروائي محمد أبو معتوق من خلال أعماله التي شاهدناه على التلفاز.

 

 

الناقد السينمائي فاضل كواكبي:

لا شك أن العلاقة بين الأدب أو الفنون السردية هي علاقة شديدة التعقيد تندرج تحت العديد من المستويات والمفاهيم، وقد خضعت لكثير من النقد والتأويل ومرت بمراحل متعددة من حيث الإنتاج. الرواية إلى أقرب إلى الفن السينمائي بسبب بنيتها وأسلوبها السردي من القصة، والتي هي أقرب إلى الفيلم الروائي القصير.
المخرجون الكبار كانوا دائماً مندفعين إلى صناعة سينما صادقة تعبر عن مفهوم دلالي خاص بها، ومع ذلك فقد لجئوا إلى الاقتباس، فوجدوا في الرواية الأدبية ذات مستوى رفيع من الجمال الأدبي أو المتوسط الإمكانية، لأنهم استطاعوا العمل عليها أو يؤولوها بصرياً، وقد كان لهم مواقف مختلفة في هذا المجال حيث أن أكثرية المخرجين كانوا لا يرغبون في العمل سينمائياً إلا في الرواية ذات الجودة المتوسطة تعطي مساحة للتأويل والحركة في أحداثها.
بالنسبة للسينما السورية ليس صحيحاً ما رُوِّج عنها أنها لم تقترب من الأدب السوري، بل إنها اعتمدت عليها بشكل أساسي منذ بدايتها عام من 1968 بأول فيلم روائي طويل من قبل القطاع العام، وانطلاقاً من هذا العام إلى عام 1979 تم إنتاج 21 فيلماً روائي، كان هناك 12 فيلم مقتبس عن أعمال أدبية لأدباء محليين وعرب، ومنهم سعيد حوراني وغسان كنفاني وفاتح مدرس حنا مينا سعد الله ونوس وأحمد داوود. إلا أن هذه النسبة تضاءلت بدءاً من عام  1980إلى 1998ويعود السبب إلى ارتباط هذا التضاؤل بانخفاض الإنتاج الفني السينمائي، فمن أصل 21 فيلماً كان هناك خمسة أفلام مقتبسة عن أعمال أدبية لكل من صبري موسى و حنا مينا، وتوقف الاقتباس نهائياً حتى عام 2008. نستنتج من هذا أن السينما السورية ارتبطت بقوة في بالراوية الأدبية، لأسباب تقنية وإيديولوجية.
أما في السينما الفنية الحديثة، فلم تستطع أن تجد في الرواية الأدبية الموازية لها ما يمكن أن تعمل عليه، ولكنها بحثت في الرواية المعاصرة التي تعبر عن حساسيات المجتمع السوري.
الآن هناك فيلمان مقتبسان يصوران عن رواية "الشراع والعاصفة" لحنا مينا وفيلم طويل للروائية هيفاء بيطار، ففي النهاية إن اللجوء للعمل الروائي هو هروب من مسؤولية كتابة عمل سينمائي، والأهم في النهاية هو المخرج السينمائي، فمن الممكن أن أقدم له نصاً متوسطاً ويصبح فيما بعد فيلماً كبيراً، والعكس بالعكس.

الدكتور فايز داية:

يجب أن نتساءل لماذا نتقدم بمثل هذه الندوة الحوارية، أقول حتى نحاول أن نقدم حلاً لهذه المشكلة أو نوجد خطوات قد تقودنا إلى حلٍ ما. بدايةً أقول: هناك روايتان، الرواية الأدبية والتي نعرفها، أيضاً ما يقدم إلينا باسم الرواية الاجتماعية والسياسية، فمن حيث المبدأ نضع المصطلح ولكن بالمجمل هي رواية أدبية. الأمر الآخر هو أن التلقي للرواية الأدبية إنما يكون من خلال أداة واحدة هي اللغة وبالتالي نقرأ ويتم التخيل والتفاعل معها بالشكل الذي يُستفاد منه أو بالتعمق به أو الذهاب إلى نطاق أبعد وهذا يقتصر على فئة قليلة. أما الرواية الدرامية أو السينمائية، فسنجد أننا أمام عدد من الأدوات أو الرسائل فنحن نتابع الصور بدءاً من هذه الرواية كجزءٌ منها وليس الكل، ليأتي بعدها مجموعة من الأدوات والرسائل خارج نطاق اللغة، سواء كانت من الإضاءة أو اللقطات أو الموسيقى المصاحبة، ومما يكون معبراً عن حادثة أو توجه معيّن وكلها مجتمعةً تمارس تأثيرها على المتلقي.
هناك الكثير ممن قال أن هذا العصر للرواية، هنا سأتساءل كم نسخة يا ترى سيطبع القاص أو الروائي لمادته؟ سأفترض أنها ألف نسخة، وإذا كان مشهوراً سيطبع على الأكثر خمسة آلاف نسخة، وهنا سنعرف عدد المتلقين لهذه المادة  قراءةً، أما بقية الناس فمن الممكن أنهم عرفوا شكلها و معالمها وقصتها عن طريق شاشات التلفزة أو الإذاعة أو كفيلم سينمائي، إذاً لابد أن نقول أن الجمهور يتلقى الرواية سينمائياً، وإن كانت مأخوذة أو مقتبسة عن رواية أدبية بكم كبيرٍ جداً وباستيعاب كثيف وبانتشار واسع، لذلك نهتم بها، على عكس الرواية الأدبية  فهي محدودة التلقي. وهنا يجب علينا ألا ننكر بأنه يوجد عدد من الكتّاب المرموقين الذين كتبوا رواياتهم مباشرةً بالشكل السينمائي.
هنا نصل إلى نقطة هامة بأن الناس باتت لا تأخذ الثقافة الأدبية بالشكل اللغوي من الكتب، وإنما من شاشات السينما عن طريق الصورالمتتالية، وهنا يعترينا هذا السؤال، ما مدى درايتهم بالصورة، وما مدى تأثرهم بها؟ طبعاً نحن نعرف أن الأدوات الفنية تؤثر بالجماهير أكثر من النص نفسه بكثير من الأحيان، لذلك يجب أن نأخذ الرواية السينمائية بجميع أبعادها، لتنتشر هذه الثقافة، فتساهم في تقدم المجتمع نفسياً وروحياً ضمن نظم مختلفة.





كما نقدم لكم ممّن شارك في الحوار:

الممثل غسان الدهبي:

أعتقد أن الرواية الأدبية هي أقرب إلى السينما، حيث نرى جمالية الرواية ومتعتها، لكن الملاحظة التي أراها أن السينما السورية هي أضعف من الإنتاج الروائي استناداً إلى عدد الروايات التي أنتجت لصالح السينما. السينما المصرية ساهمت بشكل كبير في شهرة الرواية حتى ولو كانت لنجيب محفوظ، حيث أن الرواية يعاد طبعها مرة ومرتين وثلاثة من خلال فيلم سلط عليها الضوء وجسدها سينمائياً. بينما السينما السورية تعتمد على مبدأ واحد من خلال كاتب ما أو السينارست، ولا تتعاون مع كاتب الرواية أياً كان جنسها الأدبي أو حتى يكون له رأياً فيها.
إن التجربة الوحيدة التي رأيتها ناجحة بكل آلياتها وهي عمل روائي للكاتب أسامة أنور عكاشة في مسلسلات "ليالي حلمية " وهذا انتصار للمخرج والممثل على حساب الكاتب.

 

الدكتور زهير أمير براق:

أشكر مديرية الثقافة التي تحتضن هذا المنتدى الثقافي المهم، كما أشكر مدير الثقافة الذي يسعى إلى خلق نهضة ثقافية في مدينة حلب.
إن الذي أود أن أقوله في مشاركتي، هو تجربتي مع الأديب الدكتور عبد السلام العجيلي في تحويل روايته "قلوب على الأسلاك"، فمنذ أكثر من ست سنوات اشترت مؤسسة الخليج العربي من الدكتور عبد السلام روايته لتحولها إلى مسلسل تلفزيوني، فطرح الدكتور عبد السلام فكرة أن أكون أنا من يكتب هذا التحويل، وبالفعل تعاقدت مع مؤسسة الخليج للقيام بهذا العمل، ومنذ الخمس سنوات بعث التلفزيون العربي السوري إلى الرقة ، لتشتري منه جميع رواياته لتحولها إلى مسلسلات، فوافق على ذلك مقابل مبلغ مليون ليرة سورية ماعدا رواية "قلوب على الأسلاك".
كل هذه المقدمة لأصل إلى نقطة هامة. عندما جلسنا مع الدكتور عبد السلام العجيلي لنضع تصور كيف نحول رواية إلى مسلسل، فقال: كل ما ستكتبونه أو تصورونه أو تبتدعونه من آراء وأفكار سوف يظنها المستمع والمشاهد أنها تمثلني وأنني أنا من يمليها عليكم هذه الحالة إن كانت لا تعبر عن آرائي وأفكاري، وبما لا يتماشى مع خط الرواية ومحورها، فإنني سوف أتبرأ من هذا العمل حين يعرض، فقلت له أننا نريد أن نتعاون معه، فاقترح أن نقول أن العمل التلفزيوني يكون مقتبس عن الرواية، وأن نقوم بسيناريو عام للعمل بما يجسد الرواية وبما أؤمن أنا به.
في تلك الأثناء أغلقت مؤسسة الخليج، وأصبح بإمكاننا أن محررين بالتصرف بالمسلسل، فقدمناه للتلفزيون السوري ، وعند عرضه على لجنة القراءة قالت بأنه طويل ويجب أن يكون بحدود 26حلقة، فأعدنا كتابته مع الدكتور عبد السلام، لكن بكل الأسف كل المسلسلات التي كانت قبله، كان يتوجب علينا الدفع إلى لجنة القراءة لتقوم بعملها.

 

 

زكريا محمود_عالم نوح