ندوة نقدية للفنان طاهر بني
- مايو 19, 2011
- 0
أعزاءنا، تابعنا في موقع عالم نوح عدداً من المعارض خلال الشهرين الأخيرين للسادة “حسام يوسف، محمد قره دامور، إبراهيم حسون، أحمد يوسف ” وبناءً على هذه المعارض فقد تم إقامة ندوة نقدية حولها من قبل الفنان الناقد طاهر البني، وإليكم خلاصة ما جاء في الندوة بالإضافة إلى روابط المعارض :
أعزاءنا، تابعنا في موقع عالم نوح عدداً من المعارض لكل من السادة "حسام يوسف، محمد قره دامور، إبراهيم حسون، أحمد يوسف " وبناءً على هذه المعارض فقد تم إقامة ندوة نقدية حولها من قبل الفنان الناقد طاهر البني، وإليكم خلاصة ما جاء في الندوة بالإضافة إلى روابط المعارض :
حسام يوسف والمسار التعبيري الاجتماعي :
لقد عرض الفنان لوحاته التي تتضمن تشكيلات من الملامح الإنسانية عبر تكوينات متراصفة تترابط مع بعضها بموضوع اجتماعي واضح في بعض اللوحات، في حين يغيب هذا الرابط في لوحات أخرى بحيث يبدو الموضوع مبهماً ويقتصر على الملامح البشرية الموزّعة في محيط اللوحة دون أن ترتبط ببعضها في علاقات تشكيلية، ما يدفع المتلقي إلى الحيرة البصرية والمعنوية في إيجاد رابط يجمعها لأن الفنان يواجه سطح اللوحة مباشرة دون التفكير في موضوع محدد فهو يفضّل أن يقتحم هذا العالم دون مدخرات ذهنية أو فكرية مسبقة حيث يقع تحت إغواء التقنيات التي تنجز لوحته في صيغة بصرية معاصرة.
ويعالج الفنان شخوصه بمساحات لونية متداخلة ومتجانسة تمنح اللوحة مناخاً متآلفاً في نسيجه وأبعاده التشكيلية التي ترتقي بمستوى اللوحة وتصرف عنها أي خلل في التكوين أو الصياغة، حيث يبدي الفنان حفاوة في التنغيم اللوني عبر لمسات انفعالية تمنح الشكل حيوية ونضارة، فإذا وجد الانفعال يخبو في أتون اللون عمد إلى لمسات تعترض الشكل وتشاكس سكون، وقد يلجأ إلى تحريك الشكل عبر صياغة غرافيكية تتحرك فيها الخطوط متداخلة في رحم الأشكال بحيوية ظاهرة ترفع التوتر الذي يبينه الشكل، وتضيف للون قيمة بصرية متحركة ، تخفف من السكون الذي ينتاب الأشكال في وضعيات نمطية ومع ذلك فإن الألوان تتحرك بكثافة في بعض اللوحات وتشف في لوحات أخرى .
محمد قره دامور والتصوير الحروفي:
تبرز لوحات الفنان إدراكه لخصائص التكوين الفني للوحة بما يتناسب مع الصيغ الحروفية، حيث يعمد إلى التكوينات المحكمة والمتوازنة حيين تكون العبارات المكتوبة مستمدة من الأقوال المأثورة أو الآيات القرآنية، ويصوغها في تنويعات تقترب من الصيغ المستمدة من القيم الجمالية للعمارات العربية والرقش الإسلامي، وغالياً تكون هذه التشكيلات مبنية من حرف الثلث بما فيه من جماليات تتجلى في سمو أحرفه الشاقولية ورشاقة أحرفه الأفقية مأكداّ على ترابط التشكيل الفني مع الدلالة المعنوية للعبارة المكتوبة ، التي تعكس ثقافته بالمفهمو الفكري للتراث العربي والإسلامي وقدرته على ترجمته إلى لغة بصرية ملائمة.
وكثيراً ما يأتي رسم الحرفبصورة تلقائية ومباشرة فوق سطح اللوحة يشق طريقهعبر العجائن اللونية الطازجة التي تحدد حوافه.
ولكن الفنان يلجأ إلى تحديد حواف الحرف بخطوط دقيقة تأكيداً على ملامحه خشية غياب الحرف في حنايا اللون، وقد رأى بعضهم في هذا التحديد ابتعاداً عن العفوية التي تمنح الخط حيويته ونضارته، لكن الفنان يسلك في لوحته ما يراه متوافقاً مع التقنية التي يجسد من خلالها حسه التصويري ويمنح الحرف حضوره.
إبراهيم حسون والرحيل نحو مجرات الون :
لقد أراد إبراهيم حسون أن يصنع لوحته من مفردات ذاكرته ، وأن يحمل إلينا صورة الحياة الريفية البسيطة التي شهدت طفولته بما فيها من مشاهد تشترك فيها السهوب القاحلة والتلال الصخرية التي تهيم بين جنباتها الطيور والحيوانات البرية والمدجة وهي في أرضها التي توزّعت فيها لبيوت الطينية متقاربةً ومتناثرةً تسفر عن فلاح صبور وصبية يلهون ونسوة تعمل في الأرض والرعي ونقل المياه ، وهنً يرفلن بأثواب ملونة وهي صور تعكس الكثير من القضايا الإنسانية والإجتماعية في الحياة الريفية من خلال رؤية فنية متميّزة.
تلك هي مفردات اللوحة التي غمرها الفنان بالألوان الترابية الممزوجة بعبق الأرض التي يتناوب فيها الداكن والمضيء وهي تفصح عن براعة الفنان في صياغتها بتلقائية تخفي خلفها براعته في عالم التصوير وكيمياء اللون، وهذا ما يترجمه التكوين المحدث والمنفتح نحو التشكيلات المبتكرة والخطوط المنفعلة بالحس الإبداعي الذي يمنح الشكل حيويته ويدخل اللوحة في غمار الرؤى والمشاهد الحلمية المتواترة من ينبوع الذاكرة، وبذلك استطاع الفنان أن يؤسس لمسار تعبيري له خصوصيته في المشهد التشكيلي السوري .
أحمد يوسف بين التشخيص والتجريد :
تجلّت جرأة الفنان في تكويناته التي تشكّل مجموعة من الكتل المتواصلة التي تتخذ من الجسد الإنساني محموراً لها، تعرض كشريط سينمائي يمتد في خمسة لوحات يؤكّد فيه حرصه على صياغة الشكل عبر خطوط مرتعشة في مواضع متينة في مواضع أخرى، وتترامى الألوان على صفحة الجسد بتلقائيةفتكون مستقلّة في حنايا الجسد أو متداخلة مع محيطه في علاقات تقوم على التناوب ما بين الألوان والكتيمة والبقع اللونية المضيئة التي تحرك سطح اللوحة وتمنحه الحيوية التي لا يتوقف البصر فيها عند حدود بإستثناء الأجساد التي استقلّت في محيطها اللوني الذي تآلفت معه في منظزمة بصرية أراد من خلالها الفنان التأكيد على حضورها بصورة جليّة تخدم مضمون عمله وتخرجه إلى المستوى الذهني الذي يشغل المتلقي .
وبالرغم من التنوع في الرؤية والمعالجة تثير أعمال الفنان إعجاب الكثير من المتابعين والمتذوقين للنزعات الفنية المتحررة والمسارات التقنية التي لا تخضع لقوانين مسبقة، بل تأتي عفو الخاطر تنبثق من فكر الفنان ووجدانه، وتنتقل بعفوية إلى لوحته تحمل معها إنفعالاته الآنية ودفقات شعوره الدافئة غير عابئة بالأداوات الفنية التقليدية التي تظهر عناية واضحة في صوغ البنية الفنية للوحة فالمضمون الإجتماعي والحس الوجداني عهو الهدف الذي ينبغي أن يصل إلى المتلقي في مثل هذا النتاج التصويري.
أغيد شيخو _ عالم نوح