أسئلة وأجوبة ونصائح وتحليل واقع شعراء اليوم، نقدمها للقراء والكتّاب الشباب بقلم الكاتب سمير طحان من كتابه “قرندشيات”، … نزار قباني حُوت الشعر العربي، بلع كل شعراء عصره ولا أريده أن يبلع شعراء العصر الذي بعده …..

حول أحبّك

س: القرندشية جنس أدبي جديد فما تعريفك له؟
ج: وأنا صغير، حين كان أحد يمدح إحداهن ليحلّيها في عين أحدهم أو بالعكس كان ستّي تقول له كفى قرندشيات. إذن القرندشية مديح غزلي يسعى إلى التقريب بين القلوب وجمع الحبيب بالمحبوب كما يهدف إلى تمتين أواصر الحب بين الأحباب. القرندشية شعر يحث على اكتساب الحب وتخزينه والاحتفاظ به.


س: ما هدفك من أحبّك؟
ج: في أحبّك أوّلا: أسعى إلى توحيد كلام الحبيب والعكس صحيح يعني أسعى إلى غزل ثنائي التكافؤ. وثانياً: أحاول أن أؤسس غزلاً جديداً أسمّيه غزل ما بعد نزار قباني.

س: ولماذا نزار قباني؟ وما رأيك بنزار قباني؟
ج: نزار قباني حُوت الشعر العربي، بلغ كل شعراء عصره ولا أريده أن يبلع شعراء العصر الذي بعده. نزار قباني يطبع بطابعه الجيل الجديد وهذا شيء مخيف، لأنه يعيق تطور الشعر عامة ويقيّد شعر الغزل خاصة بقيود ماضوية تمنعه من الانطلاق في آفاق المستقبل. النجومية جنت على نزار قباني وخيّلت له أن كل ما يقوله ذهبٌ، وكل ما ينطق به دررٌ، وأتباع مدرسته انطلقوا من هذه النقطة فظنّوا أن كل ما يقولونه آيات من الغزل العظيم. وفي سهرة عادية قال لي شاب: أبحث عمّن ملّ وسئم من نزار قباني وضجر وزهق من شعره ومغنّي قصائده. وهذا يدل على أن هناك رغبة في التغيير أحاول أنا أن أمهّد له آملاً في شعراء شباب يعطوننا حقاً غزل ما بعد نزار قباني.


س: ما رأيك في شعر اليوم؟
ج: شعر اليوم بعضه مباشر إلى حد السذاجة وبعضه ضبابي إلى حد السماجة والجيد قليل لا بل نادر وما عاد الشعر ديوان العرب بل إيوان العرب الذي هدمته القصة والرواية والمسرحية. قال محمد الماغوط: إن أغنية عندي ثقة فيك لزياد الرحباني أهم من سينية البحتري. الأغاني الآن ديوان العرب.


س: كيف تصنّف شعراء اليوم؟
ج: أولاً شعراء المخابر وهؤلاء حقيقيّون ودارسون يتعبون على شعرهم ولكنهم مهمّشون في الحياة القيادية ومرذولون لأنهم معتبرون شعراء النخبة. وثانياً: شعراء الشارع وهؤلاء زائفون ومزيِّفون يمشون على موضة: الجمهور عايز كده. وثالثاً: الشعراء الطفيليّون وهؤلاء يتطفّلون على إيديولوجيا دينية أو سياسية ويعيشون عليها. ورابعاً: شعراء التشكّل الكاذب وهؤلاء يؤمنون أنهم يبدعون والحال إنهم يعيدون اختراع الدولاب.


س: ما رأيك في ثقافة اليوم؟
ج: الطرب خدّرنا نحن العرب. وعلى وزارات الثقافة، لبعث يقظة حقيقية، أن تضع خطة دائمة لثقافة إنسانية وخططاً مرحلية لتعزيز المحبة وترسيخ العلم وتقدير العمل وإلا بقيت ثقافتنا عشوائية وبالتالي حركتنا الثقافية اعتباطية، وبقينا مستهلكي ثقافات لا منتجيها يعني بقينا بلا آثر في العصر الحالي.


س: سلام، فن غنائي جديد فما تعريفك له؟
ج: الأغنية في العادة: كلام يلحّنه ملحّن ثم يغنّيه مغنّي، أما سلام فهو كلام يلقيه ممثل أو مغنّي بطريقة إبراز سيكولوجية النفس في فيزيولوجية الصوت ثم يأتي موسيقي ويركّب على هذا الأداء ألحاناً.


س: ما هدفك من سلام؟
ج: تحريك الإبداع في الأغنية التي استنقعت قوالبها التقليدية من طول ركود. الملحّنون ما عداوا يعتمدون على سيكولوجية النفس بل صاروا يحشرون كل شيء في قوالبهم الجامدة. وصار من الواجب ابتكار غناء يخرج عن الأطر السائدة ويضع الملحنين في الدرجة الثالثة بعد الشعراء والمغنّين أو المؤدّين، لعلّ الملحّنين يثورون لكرامتهم ويقفزون قفزة نوعية تعيد لهم دورهم الأساسي.


س: ماذا تقصد بـ سيكولوجية النفس في فيزيولوجية الصوت؟
ج: أدقّ الخلجات النفسية تنعكس على الحنجرة وتبدو أكثر ما تبدو في الصوت، وهذا لا يمكن للموسيقي أن ينوّطه كما لا يمكن للآلات الموسيقية أن تظهره ولذا في سلام، أركّز على القدرات الإنسانية الكامنة في النفس والواجب تحريضها لتتجسد في الصوت. التقنية طغت على الفن وأملي أن أخلّص الفن من الآلية الستاتيكية وأعيده إلى الدينامية والحيوية.


س: ما أُسس علم سلام؟
ج: هذه معادلات سلام الأساسية: أسكن إلى سكون والسكون إلى حركة وحركة إلى أحرك وأحرك إلى حركة وحركة إلى سكون وسكون إلى أسكن. ومن هذه المعادلات الأساسية تتبع معادلات فرعية عديدة وفضاء هذه المعادلات تراوح بين التهويل والتضئيل، بين التعاكس والترادف، بين التناغم والتنافر وهكذا دواليك. إنه علم يهدف إلى أن يشق طُرقاً جديدة مجهولة، تتعرج وتستقيم وتلتوي وتستوي حسب ضرورات المسير الذي بوجّهه بوصلة التغيّرات الباطنية. إنه علم اختراع الإبداع وإبداع الابتكار وابتكار الاختراع.

سمير طحان
حلب ـ تشرين الثاني 2008