همام حوت أنا لست امتداداً لدريد لحام ولقاء مع ريما ديبو
- يونيو 22, 2010
- 0
تعتبر مسرحية (فساد أكاديمي) للفنان همام حوت من المسرحيات الهامة، والتي يحتاجها الشارع العربي، وتشكل منعطفاً جديداً للكوميديا السوداء في المسرح العربي، لقاء مع ريما ديبو
ريما ديبو وحوارها مع الفنان همام حوت:
تعتبر مسرحية (فساد أكاديمي) للفنان همام حوت من المسرحيات الهامة، والتي يحتاجها الشارع العربي، وتشكل منعطفاً جديداً للكوميديا السوداء في المسرح العربي، والفنان همام حوت معروف دائماً في أعماله بالجرأة في نقد قضايا الفساد ونقد العدوانية الأمريكية.
و برأيي أن المسرحية بشكل عام هي عبارة عن نقل صورة من الواقع العربي، وفيه خصوصية الواقع السوري. فهي عبارة عن واخزات وإضاءات على مواطن الأخطاء الموجودة في المجتمع، سواء على صعيد الفساد الإداري، أو على صعيد فساد الذوق الفني، أو شركات الإنتاج، لنصل ليوصلنا العرض إلى الفساد الأكبر وهو سياسة القطب الواحد وهي الولايات المتحدة الأمريكية، والتي هي الداعم الأكبر للفساد بالعالم.
وكان هذا اللقاء مع الفنان همام حوت:.
بداية كيف نشأت فكرة هذه المسرحية؟
هذه المسرحية جاءت بعد مسرحية "عربي وشوية كرامة" التي تحكي عن الحرب العدوانية الاسرائيلية على لبنان عام 2006، ونحن حكينا عن الأزمة السياسية والقضية الفلسطينية والقضية العراقية في مسرحيات "عفواً أمريكا" و "طاب الموت يا عرب" و "ليلة سقوط بغداد"، واليوم حاولنا أن ندخل لعمق الأزمة، وحقيقة الأزمة عند الإنسان العربي. نحن الآن نعيش في حالة فيها ظلم وامتهان لكرامة الإنسان العربي وامتهان لحريته، وامتهان لحياته الإجتماعية، ويضيف حوت: أردت أن أقول في العرض: دعونا لا نترك فسادنا الداخلي يأخذ هذا الوطن الجميل إلى الهاوية في الوقت الذي عجزت فيه أعتا قوى العالم على ذلك.
المسرحية تحمل مجموعة كبيرة من الأفكار، وفيها كل أنواع الكوميديا، كوميديا الموقف، والشكل، والصورة، والحركة، وتواتر إيقاع المسرحية منسجم مع تواتر العصر، فمن المستحيل أن نستطيع جذب المتلقي إلى المسرح ونجعله يدفع ثمن التذكرة ويجلس لثلاث ساعات ونصف يتابع المسرحية.. إذا لم يكن هناك ما يشده ويجعله يدير ظهره لـ 1800 قناة فضائية تبث على مدار الساعة.. أنا وفرت له كافة عناصر المتعة والفائدة.
1990 سنة أول عرض مسرحي بعنوان(همسات أنغام خريفية) وحتى عام 2007 مسرحية (عربي وشوية حكي) هل نستطيع أن نعرف ماذا اختلف في أسلوب وفكر همام حوت من أول مسرحية وحتى آخر مسرحية (فساد أكاديمي )؟
أدواتي كفنان تطورت وأدواتي كمخرج تطورت ونحن تطورنا في العمل بآلية الفكر وبتقبل الآخر وبأننا انفتحنا على الإعلام. اليوم نحن تعلمنا من التجربة، واستفدنا من تطوير أدواتنا الفنية، وعملنا على تكثيف الأفكار وتغيير الصورة، وطورنا ملكاتنا الإخراجية، شاهدنا أكثر، قرأنا أكثر، وبالتالي أصبح عندنا نضوج أكبر في الفكرة، وأهم من هذا كله استطعنا أن نلتقط تردد هذا العصر.
برأيك هل استطاعت مسرحية (فساد أكاديمي) أن توصل رسالتها إلى الجهات المعنية؟
بالتأكيد وصلت الرسالة، ولكن المشكلة أن من وصلتهم الرسالة هل بأيديهم الحل..
نحن مهمتنا أن نشير بإصبعنا إلى الخطأ… إذا أردت أن لا تخطئ فلا تعمل شيئاً ولا تقل شيئاً وكن لا شيء. ومهمتنا نحن كمسرحيين أن نكون صلة الوصل بين المواطن وبين المسؤول.
وأنا مدرستي هي الواقعية النقدية. أنا آخذ القصة من الواقع، وأخرجها بشكل فني جميل بحيث لا يكون العمل فج أو متدني السوية، أحاول أن أرسم صورة حلوة يستمتع فيها المواطن وتوخز المسؤول.
كيف استطعت أن تحقق معادلة العمل الجيد والحضور الجماهيري الكبير وعلى كافة المستويات؟
الحضور الجماهيري من كافة المستويات يعود هذا إلى النضج في اختيار النص، ونأتي إلى عمق الحوار… الإنسان العادي يستطيع أن يقرأ السطر، ولكن الإنسان المثقف يستطيع أن يقرأ ما بين السطور وهذه هي المتعة الحقيقية.
هل نستطيع أن نعتبر همام حوت هو امتداد في الأسلوب لمسرح دريد لحام من حيث الطرح؟
تجربة الأستاذ الكبير دريد لحام كانت مع كاتب عظيم مثل محمد الماغوط، مع فرقة رائعة مثل أسرة تشرين، والتي واحد من عناصرها هو: ياسر العظمة، وواحد من عناصرها هو أسامة الروماني، وواحد من عناصرها عمر حجو……
أنا لست امتداداً لأحد وإنما نسيج منفصل… فلكل مقام مقال، ولكل زمان فرقته، فمسرح محمد الماغوط كان همه الأساسي سياسي أكثر من همه الاجتماعي كان دائماً في أي حالة اجتماعية يقيسها على حالة سياسية.
نحن العكس تماماً في مسرحنا نحن، ممكن أن تكون الصورة عندنا اجتماعية بحتة لا يوجد فيها أي كلمة سياسية، وبالعكس تماماً ممكن أن تكون عندنا صورة سياسية كاملة لا يوجد فيها أي كلمة اجتماعية.
يعني لا نربط السياسة بالمجتمع بشكل دائم.
هل كنت تتوقع هذا النجاح والحضور الكبير إلى المسرحية؟ وماذا يميز جمهورك؟
نعم بالطبع كنت أتوقع هذا النجاح، أنا فنان جماهيري،وفنان شعبي، والسوريون بأكملهم هم جمهوري، واعتبر نفسي فنان العائلة السورية. ويميز هذه العائلة السورية: أنها خليط متجانس من كافة المنابت، ومن كافة الطبقات الإجتماعية، ومن كافة الأطياف الثقافية.
وهنا أريد أن أوضح، فعنوان المسرحية "فساد الأكاديمي” ليس يقصد بالضرورة أن يكون فساداً تعليمياً.. لأن الفساد قد تطور وأصبح له أسس علمية، سواء أكان الفساد الإداري أو القضائي، أو الاجتماعي، أو الفني. أنا لا أتحدث عن مؤسسة علمية، بل أقول أسس الفساد العامة أصبحت مدروسة وأصبحت علمية تماماً مثل قراصنة الكمبيوتر، فقراصنة الكومبيوتر هم يطورون فيروسات، كلما ازداد العلم تطوراً كلما ازداد الفيروس تطوراً وازدادت برامج الأمان تطوراً.
يعني.. هناك حربا دائماً بين مؤسسي البرامج وبين الذين يدخلوا الفيروسات مع الانتباه إلى أن الاثنين علميان. يعني القرصان قادر على أن يدخل على البنتاغون في أمريكا، وعلى وزارة المالية في سورية، هذا عالم كمبيوتر وأكاديمي بالكمبيوتر، رغم أن أكاديمته سلبية وهو عبارة عن سارق أو جاسوس، ولكن يدرس هذا الشئ بشكل أكاديمي وعلمي. فالفساد الأكاديمي عنوان عريض ليس على الفساد الأكاديمي العلمي ولكن على القوانين الإجتماعية والفنية والمالية.
ماذا كنت تقصد من الصورة التي على غلاف (البروشور) وأنت تمسك نقودا بالآلاف بدلاً من الشهادة الأكاديمية؟
أنا أقول أنه في (أكاديمية الفساد) تكون شهادتها عبارة عن (مال)، سواء أكانت رشاوي أو محسوبية أو واسطة، أو تبييض أموال، أو غسيل أموال، ولكن بشكل أكاديمي، أنا أحصل على هذه القيمة بذكاء ودراسة، فأنا أردت أن أقول من خلال الصورة اليوم أصبح الفساد اكاديمي: فساد علمي.
أنت الآن ماتزال تمارس الهندسة المدنية بالإضافة إلى الفن، ماذا اضافت الهندسة للفن؟
أهم شيء أعطتني إياه الهندسة هي عملية التفكير المنطقي العلمي. وأنا استفدت كثيراً من الهندسة بعملي المسرحي بعملية تحميل منطقي رياضي سليم، واحتمالات الخطأ في المسرح توازي أو تساوي احتمالات الخطأ في الهندسة. نحن عندنا احتمالات الخطأ في الهندسة صفر، تماماً مثل احتمالات الخطأ في المسرح. ففي المسرح لايوجد خطأ يكون الممثل وجهاً لوجه مع الجمهور (الكلمة التي تخرج لاترجع)، وبالتالي احتمال الخطأ صفر.
كيف تتدارك الأخطاء أمام الجمهور؟ الأخطاء أمام الجمهور متداركة يعني أنا أستغل محبة الجمهور، دائماً المحبة (هي ستارة العيوب)، نحن نغلط ولكن الأخطاء على المسرح تكون قليلة، ونحن نحاول أن نتلافاها من خلال خبرتنا الطويلة.
هل هناك تفكير في الاتجاه للتلفزيون؟
أبداً، أنا لا أحب التلفزيون. كان عندي تجربة واحدة بالتلفزيون لم أحبه، لأن التلفزيون عبارة عن صناعة، يعني الدمعة مزيفة، والضحكة مزيفة، بينما على المسرح كل شئ حقيقي، فأنا لم أشاهد همام حوت في التلفزيون.
هل بإعتقادك أن المسرح يغطي النشاطات الثقافية ؟
المسرح واحد من الروافد، لايوجد لون من ألوان الفن يغطي النشاط الثقافي، النشاط الثقافي كلمة شاملة، تضم الفن التشكيلي، والموسيقا، والندوات، والمسرح، والدراما، والسينما (كافة أنواع الفنون السبعة). المسرح لايغني عن النشاطات الثقافية الأخرى، ولكن يزيده إغناء.
ما هي مقومات النجاح المسرحي برأيك؟
أن تختاري النص الجيد والمخرج الجيد الممثل الجيد والتمويل الجيد …..لأن المسرح مكلف… ستضمني أن الجمهور يملأ الصالة …. لأن الجمهور يهم الأعمال الجيدة.
… نحن مشكلتنا بالمسرحيين … فهم يهتمون بالجدران الثلاثة للمسرح وينسون الجدار الرابع، أي أنهم يهتموا بالطقس المسرحي، وبالموسيقى التعبيرية، وبالحركة، وبالديكور، وينسوا الجدار الرابع وهو الجمهور، فكلما اقتربت من الجمهور، الجمهور يقترب منك، وكلما لامست الجمهور، الجمهور يلامسك، وكلما اهتممت بتفاصيل حياته كلما اهتم بتفاصيل حياتك الشخصية بشكل أكثر، الجمهور قريب من كل فنان قريب منه وبعيد عن كل موضوع وفنان بعيد عنه.
ماهي عوامل الجذب في مسرحيتك؟
أول شئ: العنوان، ثانياً: الإعلان، ثالثاً: الأعمال السابقة، رابعاً: واعتبره أهم شئ وهو أكمَل إعلان بكل الإعلانات وهو (فم ، أذن) يعني إذا وظفنا 100 مليون ليرة سورية على إعلان في التلفزيون، وفي الطرقات وفي الإذاعة، هذا كله لا يساوي (100/1) من فم ، أذن) الإعلان الحقيقي هو من (فمك لأذن صديقك)، وهو أهم إعلان للمسرحية هو جمهورها نفسه الذي سيخرج من المسرحية وسيبدأ بالحديث عن المسرحية، وينصح الآخرين بمشاهدتها وهكذا لتتسع الدائرة ويزداد العدد بشكل أكبر.
من هم أعضاء فرقتك؟
هم فرقة العمل المسرحي الجامعي نفسها منذ أول مسرحية، مع تغيير بعض العناصر .. هناك عناصر صار لها معي 30 سنة، وتضم الفرقة مهندسين، وأطباء، ومحامين، وخريجو أدب انكليزي، وعلوم.
هل تستمع لإقتراحات فرقتك المسرحية ضمن العمل؟
أنا ديمقراطي لأبعد الحدود قبل أن يبدأ العرض، ولكن عندما ندخل البروفات أنا دكتاتوري لأبعد الحدود.
لماذا تأخرت بعملك المسرحي (فساد أكاديمي) بعد ثلاث سنوات من عرض آخر عمل لك ( عربي وشوية كرامة)؟
تأخرت حتى حصلت على نص جيد وأخذت وقتاً كبيراً بإعداده وإخراجه. هذا العمل أخذ حقه تماماً من الكتابة، وأخذ حقه من الإعداد، ومن البروفات، ومن الإخراج.
كل نجاح يحملنا مسؤولية أكبر ونخاف أكثر ماذا سنقدم بعد ؟ وماذا سنطرح بعد؟ وماذا سنقول بعد؟
هذا هو همام حوت، تأتي أعماله في وقت يحتاج الشارع العربي إلى مثل هذه الأعمال المسرحية الهامة. ولقد استطاع الفنان الكوميدي همام حوت مع أسرة المهندسين المتحدين أن يقولوا ما يقوله الناس في الشارع العربي.