واليوم الرابع مع الكاتب والناقد كمال قجة
- مارس 26, 2010
- 0
واليوم هو الجمعة 26-3-2010 واليوم الرابع , وقصائد “هنا القمر” “دروب الحرير” “ورقاء مكة” “وقالت إني حلب” “رسالة منفي إلى أمه” من ديوانه “””فراشة الليل””””
آملين أن نكون عند حسن ظن الأستاذ كمال وزوارنا الكرام.
هنا القَمَر
أدق الباب في وجل
فتصغي في سكون الليـ
أتيتك لاأزال على
متيّمتي أتيت إليـ
دروب التيه والأبعا
لقد ألقت بي الأيّا
لهاث الشوق أضناني
أصيحابي هنا كانوا
وألقاني على حرٍّ
فإن طالت بي اللقيا
أسائلها: هنا القمر؟
ـل لا صوت ولا أثر
قديم العهد أنتظر
ـك ملء البيد أختصر
د قد ألقى بي السفر
مُ بل أودي بي العُمُرُ
وجمر البعد يستعر
مع الأحداث قد هجروا
من الأشواك اصطبر
فميعادي هو المطر
دروب الحرير
يمامةَ الشوق هل خبّأتِ عنواني
في رمش داليةٍ في ثغر بستان
في وهج تفاحة وسنى يداعبها
خدّ الأصيل فتزهو طيف ألوان
كل الدروب إلى عينيك أفرشها
لمّا حملت هوى فالليل أضواني
درب الحرير مشى في ردحها زمناً
قطر النّدى خطرت في الموكب الحاني
تمايل البرعم الجوري فانطلقت
حمائم الأيكِ يحلو قطفها الداني
لمّا شدوتُ مع السمَّار أغنيةً
فأسكرتها بوقع العيس أشجاني
تفتّق اللحن في أنحائها نغماً
على جناح فراشاتي فحياني
صوتٌ من الدهر من أعماق ذاكرةٍ
كأن صوت أبي كأن أزماني
تترى تسابق جنح الشمس في ألقٍ
مع النشيد فتستلقي بأحضاني
لمّا ضممت الهوى في صوتها عذبت
وأقبلت في ضحى الأحلام تلقاني
هنا تبسّم وجه الغيد ضاحكة
هنا ترنّم حسونٌ وناداني
في صوت أحمد في غسّان يجمعنا
بل ذكريات أبي… أصوات خلاّني
تبارك الملك يا شهباء منسجماً
تبارك الخلد في أرضي وعمراني
فقلعة المجد صرح العزّ شامخة
تستقبل الشمس في أعراس نيسان
وقفتُ أراقبُ أيامي مؤرخةً
تضوع المسك مزهواً بتيجان
في كل باب من الأبواب شاخصة
تؤكد المجد للقاصي وللداني
في كل لوحٍ على أعتابها عبق
سنابك الخيل تروي وقع فرساني
في صوت قبّرةٍ جذلى يهدهدها
في بوح مئذنةٍ تهفو لغفرانِ
تستغفر الله بل ترجوه عاقبةً
حسن الختام لكي تحظى برضوانِ
من منبع النور قد هامت بها أمم
تقدّس الحق في سرٍّ وإعلانِ
يردد القلبُ إنجيلاً يباركه
صدىً يرتل في المحراب قرآني
وقفتُ أسأل عن صحبي فأين همُ
أين المفارق أين الدرب ألقاني
أسائل الركب عن وجهي فأحمله
عن صوت أمي وعن أهلي وجيراني
لمّا أضعت جراحي في أزقّتها
فدلني النبض عن مسرى لشرياني
هنالك الصحب يا شهباء قد ركعوا
هنالك القلب يستهدي بإيمان
هنالك الصحب والأصداء عابقة
في مجلس العلم أو في نقش فنان
ناداهم الحق نحو الخير يعصمهم
حبلٌ من الله مدعوم بأركان
فليشهد العالم العصري ماعجزت
وليقرأ الناس في صفحات جدراني
عن المآثر عن تاريخ ما حفلت
به الملاحم تروي مجد إنسان
عن الرسوم تلاقى في مفاتنها
عجائب الفكر مشهوداً ببرهان
عرائش الأيك تحبو في أزقتها
في نفحة المسك في أنسام ريحان
فيرسم الحرف عن أعيادها صوراً
وينقش الحجر المنضود أوزاني
فحمليني قبيل الصبح أغنيةً
من نفح عوسجة من غصن رمان
شهباءُ قد حارت الأكوان فاجتمعت
بك العصور فصاغت خير بلدان
فما تألقت الشهباء في زمنٍ
إلا وتذكر سيف الدولة الباني
مع الخيول تشق الريح سابحةً
يؤسس العدل في قسط وميزان
مع الصراط صراط الحق موعده
يفلسف الأمر في صدقٍ وإيمان
مجالس الخلد هامت في تألقها
أبو المحسّد أعطى فيض وجدان(*)
" الخيل والليل والبيداء تعرفه "
خير المقال له في خير أوزان
مافكر القائد الميمون في دعةٍ
ولا تألّق في تاجٍ وسلطان
فليت شمسك تصحو في ضمائرنا
لِيُلْهِمَ الدهرَ فينا مجدك الثاني
ورقاء مكـة
مـدارات
أتاك يحمل أوزاراً فلا تلم
أودى به الشوق مذبوحاً من الألم
فأنت تعلم ماتخفيه خافية
من النوايا من الإخلاص والندم
يا فالق الحب والأكوان قاطبة
أعطى وأجزل من خير ومن نعم
القلب يبكي ودمع العين في أرق
تحرق الجفن من وجد فلم ينم
أرجو رضاك ومنك العفو أطلبه
وقفت أسأل واستجديت من عدم
قد جئت أحمل أوجاعاً مبعثرة
ألم ما أبقت الأيام من حطم
أقبل الحجر المنضود ألثمه
في لهفة الصدق طابت روعة القيم
هامت به نفحات الطيب تغمره
من الأمين شذا يمتد في الشيم
أرض الرسالة فيك البيت يعمره
من غابر الدهر قد جاؤوه من قدم
التائبون من الأصقاع قد هتفوا:
يا رحمة الله لبي صيحة الألم
لبيك حجاً لك الأكوان تعلنها
لبيك أصرخ من قلبي وملء فمي
مواكب النور والأحداق صاغرة
من كل فج أتى من سائر الأمم
تحرك الوجد بين السعي فانطلقت
ورقاء تشدو قبيل الصبح في الحوم
يمامة الشوق تهفو وهي ضارعة
فقمت أنهض من همي ومن سقمي
غدائر المسك تجلو مهجة عشقت
إيقاعها العذب يروي لذة النغم
شريعة الله تسمو وهي خالدة
القول والفعل في الأعمال والكلم
رمى بك الشوق والأنسام قد عبقت
هذا هو العشق بل هذا مسيل دمي
وقالت إنني حلبُ
لوقع العيس في البيداء تضطرب
صروف الدهر لاتُبقي ولا تهب
طمى الخطب بنا عرب وانقلبت
بي الدنيا وقفت وقلتُ مايجبُ
فتاريخي هنا يمشي وإيقاعي
هنا يمشي وصوتي كله لهب
أنا يا وهج أيامي أنا ياكلـ
ـلَ أحلامي إلى عينيك أنتسب
فعضت بالبنان تميس في غنج
فواكبدي وقالت: إنني حلب
لسيف الدولة انطلقت جحافله
هنا قومي أشاوس إن هم غضبوا
كـرام لاينام الضيم عندهم
هم المجد فما لانوا وما غُلبوا
بأقصى الأرض زحفهم شموسٌ في الد
دُنا سطعت فلا أفـلت ولا غربوا
ولا علجٌ ولا رومٌ بأرضهم
ولا دنسٌ يسوسهم ولا ذنب
على بوابة التاريخ لازالت
جحافلهم بها تتألق الأيام والحقب
هنا دار العروبة في مآثرها
فنون القول والأشعار والأدب
وقفتُ أسائل الأمجاد أين همُ
فيا فرحي هل الأشواق تنقلب
وأقرأ في ليالي الأنس أغنيةً
زمان الوصل يأتينا ولا عجب
شموخ الدهر في عينيك يا فرحي
ووجهك في فضاء الكون منسكب
مسافرتي عيون الليل تسرقني
تسافر بي وتحملني فتلتهب
بي الأشواق صارخة أطير إليـ
ـكِ يا فرحي فلا أيْنٌ ولا تعب
ولا ضوء المسافات التي رحلت
ولا صفحات أيامي ولا الكتب
طفولتي البعيدة جئت أحملها
همومٌ ذكرياتٌ كلها تعب
معاً كنا معاً نصبو لأفراح الـ
ـغد الآتي فلا حرجٌ ولا عتب
معاً نمضي ونكبر والهوى العذر
يُّ يغمرنا وعند الله نحتسب
لأجلك أعشق الدنيا فأحملها
وتحملني لأجلك سوف أغترب
وأرسم وجهك القمريَّ يا قمري
أغار أغار ياوعـدي وأضطرب
مع الأمل مع الغزل مع اللقيا
مع الأحلام ننأى ثم نقترب
فسبحان الذي أعطى وباركنا
– له الأمر – وسبحان الذي يهب
يغيب العالم الأزلي عن حلمي
وتتسع المسافة منك والدرب
وتهمي نجمة الإصباح ناعسة
ووجهك في فضاء الكون ينسكب
رسالة منفي إلى أمّـه
يمّمتُ وجهي أستمدُّ حنيني
وطويتُ أشرعتي هجرت سفيني
أصبو إلى وقع الطفولة هائماً
بجوانحي وبغربتي فخذيني
أمشي، خطا قلبي دليلي صبوتي
وأذوب بين تألّقي وفتوني
إني وقفت على المآسي جمّةٌ
وحلمتُ ثمّ كبرتُ ردح سنينِ
ونظرت في زبد الحياة وزيفها
ورفضت ثم رفضت ما يغريني
من كسرة الخبز الطريِّ تلوكها
شفتاي تمضغ فرحتي وأنيني
أنا سيد الوقفات في الأمس الذي
سلخوا معالمه رموه بسين
كل الشوارع في يدي مشهودة
كل القوافي تستمد رنيني
أنا من نشيد الأمس صغت قلادةً
ماتهت في شكٍّ وفي تخمين
مالي إلى الزيف المبلّد في الرؤى
يتصنّع الضحكات لايعنيني
ورق الخريف نسجت منه عباءةً
من لهفة الأطفال للزيتون
أو تذكرين الأيكة الخضراء تغـ
ـمر بيتنا في نكهة الليمون
في المشربية في الشبابيك التي
ردّدت فيها صوتي المحزون
لا زلت أنشدها بصوت هائمٍ
كل الضجيج الآن لايرويني
في ظلها خبأت ألعابي طويـ
ـتُ دفاتري فيها عرفت يقيني
أوتذكرين الغصن في رمانةٍ
أهفو إليه أبوح كلّ شجوني
وأخبئ الهمَّ الجميل بغصنه
يلقي عليّ ظلاله يؤويني
أرجوحتي بين العرائش أرتمي
في حضنها وأغيبُ ملء جفوني
إني مزجت دمي بحمرة لثمها
وصنعت تاريخي رفعت جبيني
أمي ذراعك لايزال وسادتي
في البرد من لسع اللظى يحميني
أنا طفلك المنبوذ جئتك ثاوياً
أهفو إلى اللقيا بلى ضمّيني
فكي عناء الأمس أثقل كاهلي
فأنا أسيرُ هواك في تشرينِ
هل تذكرين تشتّتي وهواجسي
فلقد هجرت تردّدي وظنوني
وأنا على العهد الذي عاهدتني
وصداك في موج الأسى ينسيني
عبء الحياة همومها وسمومها
بالزيف والتلفيق والتلوين
أهديك ذاكرتي وطيب مشاعري
أهديك ذاكرتي وضوء عيوني
ووددت لو طار الشغاف معانقاً
يهفو إليك بفرحتي وجنوني