أعزاءنا، يسعدنا أن نقدم اليوم كتاب www . لُعَبْ . com الذي هو مجموعة قصصية تتراوح ما بين القصة القصيرة والقصيرة جداً، هي ومضات من روح الكاتبة المغربية منى وفيق. قراءة ممتعة

 
أعزاءنا، يسعدنا أن نقدم اليوم كتاب www . لُعَبْ . com  الذي هو مجموعة قصصية تتراوح ما بين القصة القصيرة والقصيرة جداً، هي ومضات من روح الكاتبة المغربية منى وفيق. قراءة ممتعة
 
 
 
www . لُعَبْ . com
 

 
منى وفيق
 

 
مجموعة قصصية
 
إهداء
إلى خيرة أعراب ، اسماعيل البوعيشي ، عبد الله السبيعي ، محسن مسلماني ، نورة يونسبطاقاتي الملوّنة لما سبق من أعياد.

شرور ملوّنة

– 1 –

" أكثرُ الشّرور نورانيّةً هو أصلُ الألوانِ، وشُروري ملوّنة".

قبل أن يهمس لنفسه بجملته الأثيرة هذه ، يدعو راسم جيرانه الأربعة للجلوس كلٌّ داخل إطار فارغ و غير ملوّن.أهُمُ الضيوف حقّا أم أنّه اللّون أم يكون هو الضّيف؟! بل إنّها حيرة السيّدة الحامل بأرجلٍ تركل شيئا في روحها لا تعرف كنهه، حيرة الطّالب الشهوانِّي للألم ، حيرة السّمراء المقتحمة وحيرة الشّاعرة الباحثة عن غواية.

"ثمة شرّ يدعونا إليه وآخر ندعوه".
يضيف راسم قبل أن تقاطعه الشّابّة السمراء:

تدمع عين القلب انتشاءً بمازوشيّته الوشيكة. لستُ أحبه . أكاد أغرس الفرح بأظافري في صدري كلّما مارسَتْ دقّات قلبه العهر و أغْوَتْ حباتِ الدواء.يدخّن كثيرا و يبكي قبيل الفجر كلّما اقترحتُ عليه إنهاء علاقتنا حتى تنتظم دقّات قلبه.
أستمتع حين أرهقه، أسقيه ماء العشق كلمةً كلمةً قبل أن أجعله يحسُّهُ مرارةً وأنا أُظهر مللي من غباء إخلاصه لقلبي.
سيرتدي غدا بذلته السّوداء المخطّطة بالأبيض، إنها تغريني بتعذيبه أكثر.
كيف أفعل؟؟ كيف أوجعه؟!
.. لا أحبّك .. سهلة ، حادّة ، مربكة .. لكنها ليست ذات تشويش غير رحيم…؟!

قطعا ، لا علاقة لبنطلونات الجينز الخاصّة بي بالأمر ، لكنّ شرّي أزرقُ .. إنه شرّ أزرقُ!!!!!!

تهتف بِلَذّةِ الشرِّ الأزرقِ دون أن تتأرجح كعادتها بين أف و أوووف:

سأخبره أنني أحــــــــبّــــــــه !

ثم تُلوّن إطارَها بالأزرقِ قائلة:
" إذا كان البحر يعبث بأريحيّةِ جنرالٍ متقاعد في أنف الجداول
فلِأنّ الأزرقَ ، سيرةُ النزق "

– 2 –

و أنا شرّي رماديٌّ يا راسم . دون كثيرِ تفكيرٍ أقول لك هذا.كما أنّني لا أحتاج إلى تلوين إطاري.

أكُولٌ كلّما اقتضت حاجة الخوف أو القلق أو الفرح ذلك.ما يثقل المعدة يحرّر الرّوح .ألا توافقني؟
أكره زيارة الطبيب لكنّ أمعائي تضرّرت كثيرا من شرب الغازات ، أكل الكسكس و شرب الحريرة. بطني منتفخة و جسدي نحيف جدّا. شكلي وجيه جدّا مهما كان مضحكا للبعض!
ما شَوّهَ اللاّوعيَ لديّ هو فشلي في ملامسة الإحساس الأوّل بالأشياء. الإحساس الثّاني بها هو الغالبُ الآن. هذا مقرف أكثر ممّا هو مزعج.
" أمعاؤك مريضة جدّا ، قلِّل ما استطعت من الأكلات الثّقيلة و المشروبات الغازيّة والخبز" . يوصيني الطّبيب.
أحمل وصفة الدّواء والألم إليك يا راسم .تعرف كم أنفر من الأدوية و الحمية.
شرّي الرماديُّ سيحمل لي الإحساس الأوّل .. كيف؟؟؟
دعنا أوّلا نمزّق الوصفة هذه .هات ما عندك من قنّينات سبرايت و سيفن آب. احمل إليّ أيضا كلّ ما لديك من أكل..!
رماااااااااااديٌّ يا شرّي!!!!!!!!
يمتصّ الطّالب الشهوانيُّ للألم شفتيه مخاطبا راسم:

" إذا كانت الغواية أرملةَ لوعةٍ
فلأن الرماديَّ شامة خذلها إبهام أصبع"

– 3 –

حالما التفت راسم للشّاعرة الباحثةِ عن غواية وجدها خارج إطارها تحملق فيه.كأنّها في حالة عشق لا تتكرّر. يكاد الشّبق يقفز من عينيها.تُحدّث الإطار عن غوايتها المفقودة. لا تسأله لون شرّها بل مكان بظر القصيدة الّذي ما انفكّت تُجِدُّ الجري وراءه، تخطّط لطقوس ختانها كما لم تخطّط قبل سنوات لمراسم ختانها وشقيقاتها.
كلّما كتبتْ قصيدة أحسَّتها غير مكتملة مادامت محتفظة ببظرها.أنجبت عشرات القصائد ولا زالت عاجزة عن القيام بختان واحدة منها…!
تدرك هي أنّ القصيدة ، الشّبق في عينيها و البظر شرٌّ أخضر لا شكّ!
تبدو غير سعيدة بشرّها الأخضر ، تقرّر تأجيل إيجاد بظر القصيدة استمرارا في البحث عنه وتقول في خنوع أخضر بشرّ أخضر لإطار أخضر:

" إذا كان النّخيل شبقا بالفطرة
فلِأنّ الأخضر ريح مؤثّثة بالقصيدة"

– 4 –

" تلك الأرجل تركل شيئا في روحي لا أعرف كنهه؟!"

" أيّهما يحتفظ بِلون شرّي : الحمْل أم الأرجل؟"
بحيرة مثاءبة تتساءل السيّدة الحامل. قد تجاوزت من زمن مرحلة تقبّل الحمل وانتقلت لمرحلة اتّخاذ القرار وهي دقيقة جدّا: كيف تتخلّص من هذا الحمل؟!
إنّها تنأى بوجودها / عدمها!! الآن ستكون مضطرّة لتحمّل شريك جديد في هذا الوجود / العدم .شريك جسد وروح و شرّ أيضا..!
تركل الإطار بعيدا عنها. تقترب منه مجدّدا. تركله ثانية . تقترب منه مجدّدا…
تارة تمسك الإطار وتارة تتركه وفي كلّ مرّة تتهجّى اللّغة ، اللّون ، الشرّ :
الحمل : بَنَفْ.. ، الوجود : بَنَفْ.. ، العدم : بَنَفْ.. ، الشرّ: بَـنَـفْـسَـجِـيٌّ . نعم!

هو ذاك ، تبتسم الحامل وتتحسّس بطنها قائلة :
شرّي بنفسجيّ و حيث أنّه كذلك فـــــســـــأنـــجـــــبــــــك!!!

تكرّر أن شرّها بنفسجيّ عدّة مرّات في سعادةٍ قبل أن تهمس في هدوء :

" إذا كان الوجع مهووسا بفوبيا الغيوم
فلِأنّ البنفسجيَّ غائب عن سمفونية البجع"

– 5 –

يصمت راسم، لا كلمة، لا تعليق، لا إحساس، لا لــــــــــون…!

غير مذهولٍ يبحث عن ردّات الفعل المتأخّرة للسيّدة الحامل بأرجل تركل شيئا في روحها لا تعرف كنهه، للطّالب الشّهوانيّ للألم، للسّمراء المقتحمة و للشّاعرة الباحثة عن غواية.
لا ينتظر كثيرا، يتقدّمون نحوه حاملين إطاراتهم .. يكسرونها بلامبالاة، يغادرون مرسمه في حين يصنع هو من الإطارات الأربع إطارا واحدا كبيرا يجلس فيه هانئا بألوانه الأربعة، هي كُلُّ شرورهِ الملوّنة.

وللحديث بقية